للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ- يَعْيي الطَّاعُونَ-". [خ ٥٧٣٠، م ٢٢١٨]

===

وأنتم بها) أي بالأرض (فلا تخرجوا فرارًا (١) منه - يعني الطاعون-).

قال الطيبي (٢): فيه أنه لو خرج لحاجة فلا بأس به، وقال بعضهم: الطاعون لما كان عذابًا نهى عن الإقدام، فإنه تهوُّر وإقدام على الخطر، والعقل يمنعه، ونهى عن الفرار أيضًا، فإن الثبات فيه تسليم لما لم يسبق منه اختيار فيه، ويحتمل أنه كره ذلك لما فيه من تضييع المرضى والموتى لو تحول الأصحاء عنهم، وقال القاضي: في الحديث النهي عن استقبال النبلاء فإنه تهور، وعن الفرار فإنه فرار عن القدر، ولا ينفعه، قال الخطابي (٣): أحد الأمرين تأديب وتعليم، والآخر تفويض وتسليم، انتهى، قاله القاري.

وقد أخرج البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون، فأخبرني: أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله عَزَّ وَجَلَّ جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعونُ، فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلَّا كان له مثل أجر شهيد" (٤).

وأخرج الشيخان (٥)، عن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطاعون رجز أُرْسِلَ على طائفة من بني إسرائيل، أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه".


(١) وفي "الدر المختار" (٦/ ٧٥٧): إن عَلِمَ أن كل شيء بقدر الله تعالى، فلا بأس بأن يدخل ويخرج، وإلا فيكره، وعليه حمل الحديث. وفي "مجالس الأبرار": اختلفوا فيه على أقوال: منها أنه تعبدي لا يعقل؛ لأن الفرار من المهالك مأمور به، ويقال: قلما فرَّ أحد من الطاعون فسَلِمَ، وهو مجرب، ويستنبط من قوله تعالى: {لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ} [الأحزاب: ١٦]. (ش).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٤/ ٢٨)، وانظر: "شرح الطيبي" (٣/ ٣٠٢).
(٣) انظر: "معالم السنن" (١/ ٢٩٩).
(٤) "صحيح البخاري" (٣٤٧٤، ٣٤٧٣).
(٥) "صحيح مسلم" (٢٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>