للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّى لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيَأمُرَهُ بِقَتْلِهِ، وَجَعَلَ يَهَابُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَذْرِي! قَالَ: "إِنِّي لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْم إِلَّا لِتُوفِيَ (١)) بِنَذْرِكَ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُوْمِضَ".

===

لأن إسلام الرجل كان موقوفًا على قبول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسلامَه وعلى قبول بيعته، كما وقع في قصة إسلام عبد الله بن أبي السرح حين جاء به عثمان - رضي الله عنه -.

(قال: فجعل الرجل يتصدى) أي يتعرض (لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأمره بقتله) أي يأذن له فيه (وجعل) أي الرجل (يهاب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقتله) أي يهاب من قتله بعد إسلامه فيكون سببًا لغضبه (فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه) أي الرجل الناذر (لا يصنع شيئًا) من قتله (بايعه).

(فقال الرجل) الناذر: (يا رسول الله نذري! ) أي ضاع نذري (قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لم أُمْسِكْ عنه) أي لم أكف يدي عن بيعته (منذ) ابتداء (اليوم إلَّا لتوفِيَ بنذرك، فقال: يا رسول الله، ألا أَوْمَضْتَ إليَّ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليس لنبي أن يُوْمِضَ).

قال الخطابي (٢): الإيماض: الرمزُ بالعين والإيماءُ بها، ومنه: وميض البرق، وهو لمعانه. وأما قوله: "ليس لنبي أن يومض" فإن معناه أنه لا يجوز له فيما بينه وبين ربه أن يضمرَ شيئًا ويُظْهِرَ خلافَه؛ لأن الله عزَّ وجل إنما بعثه لإظهار الدين وإعلانِ الحق، فلا يجوز له ستره وكتمانه لأن ذلك خداع، ولا يحل له أن يؤمِّن رجلًا في الظاهر، ويخفره في الباطن.

وفي الحديث دليل على أن الإِمام بالخيار بين قتل الرجال البالغين من


(١) في نسخة: "لتفي".
(٢) "معالم السنن" (١/ ٣١٤، ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>