للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الثاني: أن اليمين شرعت لتأكيد المحلوف عليه خصوصًا في البيعة، وقران الاستثناء في مثل ذلك يبطل المعنى الذي وُضِعَ له العقد بخلاف الوعد المطلق.

وأما الآية الكريمة فتأويلها من وجهين: أحدهما: أي يؤاخذكم الله بمحافظة ما عقدتم من الأيمان والوفاء بها، كقوله عز وجل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (١)، فإن تركتم ذلك فكفارته كذا، وكذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (٢) فتركتم المحافظة، ألا ترى أنه قال عز وجل: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (٣)، والمحافظة تكون بالبر.

والثاني: أن يكون على إضمار الحنث، أي ولكن يؤاخذكم بحنثكم فيما عقدتم، وكذا في قوله: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}، أي إذا حلفتم وحنثتم، كما في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (٤)، معناه: فحلق، ففدية من صيام، وقوله عز وجل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٥)، معناه فتحلل، وقوله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٦) أي فأفطر فعدة من أيام أخر, لأن ظاهر الملفوظ وهو القدر الذي هو سبب التخفيف لا يصلح سببًا للوجوب، فصار استعمال الرخصة مضمرًا فيه، كذلك ههنا لا تصلح اليمين التي هي تعظيم الرب جل جلاله سببًا لوجوب التكفير، فيجب إضمار ما هو صالح وهو الحنث، وأما إضافة


(١) سورة النحل الآية ٩١.
(٢) سورة المائدة: الآية ٨٩.
(٣) سورة المائدة: الآية ٨٩.
(٤) سورة البقرة: الآية ١٩٦.
(٥) سورة البقرة: الآية ١٩٦.
(٦) سورة البقرة: الآية ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>