للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال القاري (١): وفي "شرح السنَّة": فيه من الفقه جواز استسلاف الإِمام للفقراء إذا رأى بهم خلة وحاجة، ثم يؤديه من مال الصدقة، وفيه دليل على جواز استقراض الحيوان وثبوته في الذمة، وهو قول أكثر أهل العلم، وبه قال الشافعي (٢)، وفيه دليل أيضًا على أن من استقرض شيئًا يردُّ مثلَ ما اقترض، سواء كان ذلك من ذوات القيم أو من ذوات الأمثال؛ لأن الحيوان من ذوات القيم، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برد المثل، وفيه دليل على من استقرض شيئًا فرد أحسنَ أو أكثرَ منه من غير شرط كان محسنًا، ويحل ذلك للمقرض.

وقال النووي (٣): يجوز للمقرض أخذ الزيادة، سواء زاد في الصفة أو في العدد، ومذهب مالك أن الزيادة في العدد منهي عنها، وحجة أصحابنا عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن خير الناس أحسنهم قضاء".

وفي الحديث إشكال، وهو أن يقال: كيف قضى من إبل الصدقة أجودَ من الذي يستحقه الغريم مع أن الناظر في الصدقات لا يجوز تبرُّعُه منها؟ والجواب: أنه - صلى الله عليه وسلم - اقترض لنفسه، ثم اشترى في القضاء من إبل الصدقة بعيرًا وأداه، ويدل عليه حديث أبي هريرة: "اشتروا له بعيرًا، فأعطوه إياه" (٤)، وقيل: إن المقترض كان بعض المحتاجين اقترض لنفسه، فأعطاه من الصدقة حين جاءت، وأمره بالقضاء.


(١) "مرقاة المفاتيح" (٦/ ١١٧).
(٢) وفي "الدر المختار": صح القرض في مثلي، لا في غيره من القيميات، كحيوان، وحطب، وكل متفاوت؛ لتعذر رَدَّ المثل.
قال ابن عابدين: قوله "مثلي" كالمكيل والموزون والمعدود المتقارب ... إلخ. [انظر: "رد المحتار" (٧/ ٣٨٨)]. (ش).
(٣) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٦/ ٤٢، ٤٣).
(٤) أخرجه مسلم (١٦٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>