للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال: وفيه جواز (١) إقراض الحيوانات كلها، وهو مذهب مالك والشافعي وجماهير العلماء من الخلف والسلف، إلَّا الجارية لمن يملك وطأها.

ومذهب أبي حنيفة: أنه لا يجوز، والأحاديث ترد عليه، ولا يُقْبَلُ دعوى النسخ بغير دليل (٢).

قال أكمل الدين: قيل: فيه جوازُ استقراض الحيوان، وثبوتُه في الذمة، وهو قول الأكثر، وفيه نظر؛ لجواز أن يكون ذلك أداء بقيمة ما اشترى به البعير، إذ ليس في الحديث ما يدل على كونه قرضًا، انتهى.

قلت: والدليل لأبي حنيفة هو ما رواه الأئمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة"، وعن جابر - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرى بأسًا ببيع الحيوان بالحيوان، اثنين بواحد، ويكرهه نسيئة"، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما-: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة"، وكذا عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، رواها الطحاوي في "معاني الآثار" (٣).

قال أبو جعفر: فكان هذا ناسخًا لما رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إجازة بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، فدخل في ذلك أيضًا استقراض الحيوان، فقال أهل المقالة الأولى: هذا لا يلزمنا؛ لأنا قد رأينا الحنطة لا يباع بعضها ببعض نسيئة، وقرضها جائز، فكذلك الحيوان، فكان من حجتنا على أهل هذه المقالة


(١) قال النووي: فيه ثلاثة مذاهب للعلماء، الأول: مذهب الجمهور أنه يجوز قرض جميع الحيوان إلا الجارية لمن يملك وطأها فإنه لا يجوز، ويجوز إقراضها لمن لا يملك وطأها كمحارمها، والمرأة، والثاني: مذهب المزني وابن جرير وداود وغيره أنه يجوز قرض الجارية أيضًا، والثالث: مذهب الحنفية أنه لا يجوز قرض شيء من الحيوان، ودعوى النسخ باطل، انتهى. "شرح النووي على صحيح مسلم" (٦/ ٤٢، ٤٣). (ش).
(٢) قلت: ودليل النسخ في "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٤/ ٦٠). (ش).
(٣) "شرح معاني الآثار" (٤/ ٦٠ - ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>