للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا مِثْلَ, أَوْ: مِثْلَىْ لَبَنِهَا قَمْحًا". [جه ٢٢٤٠]

===

بذلك لكون اللبن يكثر في ضرعها، وكل شيء كثرته فقد حفلته، تقول: ضرع حافل، أي: عظيم، واحتفل القوم إذا كثر جمعهم، ومنه سمي المحفل (فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها مثل، أو) للشك من الراوي (مثلي لبنها) الذي كان وقت العقد في الضرع (قمحًا) أي: حنطة.

قال الحافظ (١): وقد أخذ بظاهر هذا الحديث جمهور أهل العلم، وأفتى به ابن مسعود وأبو هريرة، ولا مخالف لهم من الصحابة، وقال به من التابعين ومن بعدهم من لا يحصى عدده، ولم يفرقوا بين أن يكون اللبن الذي احتلب قليلًا أو كثيرًا، ولا بين أن يكون التمر قوت تلك البلد أم لا.

قال العيني (٢): قلت: أبو حنيفة غير منفرد بترك العمل بحديث المصراة، بل مذهب الكوفيين وابن أبي ليلى ومالك في رواية مثل مذهب أبي حنيفة.

وقال العيني أيضًا: وأقوى الوجوه في ترك العمل بها مخالفتها للأصول من ثمانية أوجه: أحدها: أنه أوجب الرد من غير عيب ولا شرط.

قلت: وهذا إشارة إلى الحديث المتفق عليه بطريق القاعدة الكلية التي اتفقت عليه الأمة، بأن المتبايعين بالخيار بين الرد والقبول ما لم يتفرقا، سواء كان التفرق بالأبدان عند من يقول به، أو تفرق بالكلام عند القائل به، فإذا تفرقا لم يكن لأحد منهما الخيار، إلَّا إذا اشترط الخيار أحدهما، فيكون الخيار له إلى ثلاثة أيام.

الثاني: أنه قدر الخيار بثلاثة أيام، وإنما يتقيد بالثلاث خيار الشرط. يعني أن الخيار بالثلاثة مقيد بخيار الشرط بهذا الحديث، وههنا ليس بشرط.


(١) "فتح الباري" (٤/ ٣٦٤).
(٢) "عمدة القاري" (٨/ ٤٤٨ - ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>