للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الخطابي (١): لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهر هذا الحديث، أو صحح البيع بأوكس الثمنين إلَّا شيئًا يحكى عن الأوزاعي، وهو مذهب فاسد، وذلك لما تتضمنه هذه العقدة من الغرر والجهل، وإنما المشهور من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة"، فأما رواية يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو على الوجه الذي ذكره أبو داود، فيشبه أن يكون ذلك في حكومة في شيء بعينه، كأنه أسلفه في قفيز بُر إلى شهر دينارًا، فلما حلَّ الأجل وطالبه بالبر، قال له: يعني القفيز الذي لك [علَّي] بقفيزين إلى شهرين، فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول، فصار بيعتين في بيعة، فيردان إلى أوكسهما، وهو الأصل، فإن تبايعا المبيع الثاني قبل أن يتقابضا الأول كانا مُربيين.

قال الخطابي: ونقيس (٢) ما نهي عنه من بيعتين في بيعة على وجهين: أحدهما أن يقول: بعتك هذا الثوب نقدًا بعشرة، ونسيئةً بخمسة عشر، فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يدري أيهما الثمن الذي يختاره منهما، فيقع به العقد، وإذا جهل الثمن بطل البيع.

والوجه الآخر: أن يقول: بعتك هذا العبد بعشرين دينارًا على أن تبيعني جاريتك بعشرة دنانير، فهذا أيضًا فاسد؛ لأنه جعل ثمن العبد عشرين دينارًا وشرط عليه أن يبيع جاريته بعشرة دنانير، وذلك لا يلزمه، فإذا لم يلزمه ذلك سقط بعض الثمن، وإذ! سقط بعضه صار الباقي مجهولًا.

ومن هذا الباب أن يقول: بعتك هذا الثوب بدينار (٣) على أن تعطيني بها دراهم صرف عشرين أو ثلاثين بدينار.


(١) "معالم السنن" (٣/ ١٢٢، ١٢٣).
(٢) كذا في الأصل، وفي "معالم السنن": "وتفسير ... " إلخ،
(٣) كذا في الأصل، وفي "المعالم": "بدينارين".

<<  <  ج: ص:  >  >>