للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأما إذا باعه شيئين بثمن واحد، كدار وثوب أو عبد وثوب فهذا جائز، وليس من باب البيعتين في البيعة الواحدة، وإنما هي صفقة واحدة جمعت شيئين بثمن معلوم، وعقد البيعتين في بيعة واحدة على الوجهين الذين ذكرناهما عند أكثر الفقهاء فاسد.

وحكي عن طاوس أنه قال: لا بأس أن يقول له: بعتك هذا الثوب بنقد بعشرة، وإلى شهر بخمسة عشر، فيذهب به إلى أحدهما، وقال الحكم وحماد: لا بأس به ما لم يفترقا، وقال الأوزاعي: لا بأس بذلك، ولكن لا يفارقه حتى يُبَاتَّه بأحد البيعين (١)، فقيل له: إنه ذهب بالسلعة على ذينك الشرطين؟ فقال: هي بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين.

قال الشيخ: هذا ما لا شك في فساده، أما إذا باتَّه بأحد العقدين في مجلس العقد فهو صحيح، لا خلف فيه، وما سواه لغو لا اعتبار به.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: قوله: "من باع بيعتين" إلى آخره ظاهره مخالف للمذاهب كلها، إلَّا أن يقال في معناه: إن من باع شيئًا على أنه بخمسة إن كان ناجزًا، أو بعشرة إن كان نسيئة، ثم افترقا من غير أن يتعين أحدهما، فهذا البيع فاسد؛ لكونهما افترقا قبل تعين الثمن؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة، وكان الحكم فيه الفسخ، إلَّا أن المشتري استهلك المبيع، أو أكله فلا يجب فيه إلَّا المثل أو القيمة، وهو أوكس عادة من الثمن المتعين بينهما في البيعتين معًا، فصار المعنى أن من باع بيعتين كذلك، ثم لم يبق المبيع حتى يفسخ البيع، فله أن يأخذ القيمة أو المثل، ولا يأخذ الثمن؛ لأنه لو أخذ الثمن كان إبقاءً للبيع، وهو مأمور بفسخه، وأما إذا أخذ الثمن ولم يفسخ البيع، فقد أربى؛ لكونه عقد عقدًا فاسدًا، والعقود الفاسدة كلها داخلة في حكم الربا، انتهى.


(١) كذا في الأصل، وفي "المعالم": "حتى يباته بأحد المعنيين" (٣/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>