ما رُوِي بسنده عن أبي ظبيان أنه رأى عليًّا بال قائمًا، ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه، ثم دخل المسجد فخلع نعليه، ثم صلَّى، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا نرى المسح على النعلين، وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على نعلين تحتهما جوربان، وكان قاصدًا بمسحه ذلك إلى جوربيه لا إلى نعليه، وجورباه مما لو كانا عليه بلا نعلين جاز له أن يمسح عليهما، فكان مسحه ذلك مسحًا أراد به الجوربين، فأتى ذلك على الجوربين والنعلين، فكان مسحه على الجوربين هو الذي تطهر به، ومسحه على النعلين فضل.
وقد بين ذلك ما حدثنا علي بن معبد بسنده عن أبي موسى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على جوربيه ونعليه، وكذلك عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثله، فأخبر أبو موسى والمغيرة عن مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على نعليه كيف كان منه.
وقد روي عن ابن عمر في ذلك وجه آخر، فأخرجه بسنده عن نافع: أن ابن عمر كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه مسح على ظهور قدميه بيديه، ويقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هكذا، فأخبر ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان في وقت ما كان يمسح على نعليه، يمسح على قدميه، فقد يحتمل أن يكون ما مسح على قدميه هو الفرض، وما مسح على نعليه كان فضلًا.
فحديث [أوس بن] أبي أوس (١) يحتمل عندنا ما ذكر فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسحه على نعليه أن يكون كما قال أبو موسى والمغيرة، أو كما قال ابن عمر، فإن كان كما قال أبو موسى والمغيرة، فإنا نقول
(١) وفي الأصل: "أبي أوس" فقط، وكذا في "شرح معاني الآثار" للطحاوي، والصواب: "أوس بن أبي أوس".