للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بذلك؛ لأنا لا نرى بأسًا بالمسح على الجوربين، وإن كان كما قال ابن عمر فإن في ذلك إثبات المسح على القدمين، فقد ثبت ذلك، وما عارضه وما نسخه في باب فرض القدمين، فعلى أي المعنيين كان وجه الحديث، فليس في ذلك ما يدل على جواز المسح على النعلين.

ومن طريق النظر لنعلم كيف حكمه؟ فرأينا الخفين الذين قد جُوّزَ المسحُ عليهما إذا تخرَّقا، حتى بدت القدمان منهما أو أكثر القدمين، فكلٌّ قد أجمع أنه لا يمسح عليهما، فلما كان المسح على الخفين إنما يجوز إذا غيَّبا (١) القدمين، ويبطل ذلك إذا لم يغيِّبا القدمين، وكانت النعلان غير مغيبين للقدمين، ثبت أنهما كالخفين اللذين لا يغيبان القدمين "الطحاوي ملخصًا".

قلت: ويمكن أن يوجه هذا الحديث بأنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على نعليه (٢) وقدميه، أي بالغسل، كما تدل عليه رواية ابن عباس التي تقدمت في "باب الوضوء مرتين"، وفيها: "فَرَشَّ على رجله اليمنى وفيها النعل، ثم مسحها بيديه ... " الحديث.

ويمكن أن يقال في تأويل هذا الحديث: إنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على القدمين


(١) وفي الأصل: "غيب"، وهو تحريف، والصواب: "غيبا"، كما في "شرح معاني الآثار" للطحاوي.
(٢) قال الزيلعي (١/ ١٨٨): ولأحاديث مسح النعلين ثلاثة أجوبة: الأول: أنه كان في الوضوء المتطوع به، وذكر الآثار الدالة عليه، والثاني ما قاله البيهقي: إن معنى مسح عليه أي غسلهما في النعل لرواية ابن عمر: يتوضأ فيهما، والثالث ما قاله الطحاوي: إنه مسح على الجوربين والنعلين، وكان المقصود الأول، انتهى، ونقل صاحب "الغاية" الثالث عن الخطابي، وزاد عن البيهقي أن معناه جوربين منعلين، وبسط صاحب "الغاية" الاضطراب في الحديث سندًا ومتنًا. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>