للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الشُّفْعَةَ فِى كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ (١) , فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ". [خ ٢٢٥٧، ت ١٣٧٠، جه ٢٤٩٩، حم ٣/ ٢٩٦]

===

عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله قال: إنما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل مال) أي: من غير المنقول (لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة).

قال الخطابي (٢): هذا الحديث أبين في الدلالة على نفي الشفعة لغير الشريك من الحديث الأول، وكلمة "إنما" يعمل تَرْكِيبُها (٣)، وهي مثبتةً للشيء نافية لما سواه، فثبت أنه لا شفعة في المقسوم.

وأما قوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق"، فقد يحتج بكل لفظة منها قوم، أما اللفظة الأولى ففيها حجة لمن لم ير الشفعة في المقسوم، وأما اللفظة الأخرى فقد يحتج بها من يُثبت الشفعة بالطريق وإن كان المبيع مقسومًا، انتهى.

قلت: وهذا الحديث حجة للشافعي، فإنهم قالوا: إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، فليس فيه حق شفعة لأحد.

وقالت الحنفية: معنى قوله: "فلا شفعة" أي: لا شفعة للشركة، فإن الشفعة عندهم تثبت بثلاثة أمور: أحدها: الشركة في نفس المبيع، والثاني: الشركة في حق المبيع، والثالث: الشركة للجوار، فأما إذا قسمت وحدت وصرفت الطرق، فلم تبق الشركة في نفس المبيع، ولا شركة في حق المبيع، فلم يبق حق الشفعة بالأمر الأول ولا بالثاني، وأما حق الشفعة بالأمر الثالث، فبقي وهو ثابت بالحديث الآخر كما سيجيء.


(١) في نسخة: "في كل ما لم يقسم".
(٢) "معالم السنن" (٣/ ١٥٢، ١٥٣).
(٣) كذا في الأصل، وفي "المعالم" بدله: "بِرُكْنَيْها".

<<  <  ج: ص:  >  >>