للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بشيء من الرهن خلا الاحتفاظ به للوثيقة فيه، وعلى هذا تأويل (١) قوله: "الرهن مركوب ومحلوب" يرى أنه منصرف إلى الراهن الذي هو مالك الرقبة، وقد روي نحو من هذا عن الشعبي وابن سيرين. وفي قوله: "الرهن محلوب ومركوب" دليل على أنه إن أعار الرهن أو أكراه من صاحبه لم يفسخ الرهن، انتهى.

قال الشوكاني في "النيل" (٢): وقد قيل: إن فاعل الركوب والشرب لم يتعين، فيكون الحديث مجملًا. وأجيب: بأنه لا إجمال، بل المراد: المرتهن، لقرينة أن انتفاع الراهن بالعين المرهونة لأجل كونه مالكًا، والمراد ها هنا الانتفاع في مقابلة النفقة، وذلك يختص بالمرتهن، كما وقع التصريح بذلك في الرواية الأخرى، ويؤيده ما وقع عند حماد بن سلمة في "جامعه" بلفظ: "إذا ارْتَهَنَ شاةً شرِبَ المرتهنُ من لبنِها بقدر عَلفِها؛ فإن استفْضلَ من اللبَن بعد ثمن العَلَفِ فهو ربا"، ففيه دليل على أنه يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بما يحتاج إليه، ولو لم يأذن المالك، وبه قال أحمد وإسحاق والليث والحسن وغيرهم.

وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وجمهور العلماء: لا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء، بل الفوائد للراهن والمؤن عليه.

والحديث ورد على خلاف القياس من وجهين: أحدهما: التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه. والثاني: تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة.

قال ابن عبد البر: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء تردُّه أصولٌ مجمَع


(١) قال ابن رشد (٢/ ٢٧٦): لم يرد به أن يركبه الراهن؛ لأنه منافٍ للرهن، فإن من شرطه القبض، ولا يصح أيضًا أن يكون معناه أن المرتهن يركبه ويحلبه، فلم يبقَ إلَّا أن يكون المعنى أجرة ظهره لربه وعليه نفقته. (ش).
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٦١٩، ٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>