قلت: وروى البيهقي في "سننه الكبير"(١): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو الوليد الفقيه، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، عن أشعث، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة قال:"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال ثم توضأ، ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني أنظر إلى أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين".
وكذلك أخرج البيهقي في "سننه الكبير" بسنده إلى حميد بن مخراق الأنصاري أنه رأى أنس بن مالك بقباء مسح ظاهر خفيه بكفيه مسحة واحدة.
فهذا الحديث المرفوع وأثر مالك بن أنس - رضي الله عنه - يدل على خلاف ما دل عليه حديث كاتب المغيرة عن المغيرة، فإنه يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف الأيمن والأيسر بيده اليمنى واليسرى مسحة واحدة، فلو سلَّمنا مسحه - صلى الله عليه وسلم - أعلى الخف وأسفله لكان صورة المسح أن يمسح أعلى الخف الأيمن باليد اليمنى وأسفله باليسرى في أول مرة، ثم في المرة الثانية يمسح الخف الأيسر أعلاه باليمنى وأسفله باليسرى بماء جديد.
وهذه الصورة لا يثبتها رواية, بل تخالف الحديث الصحيح الذي رواه المغيرة بن شعبة، وأيضًا يخالفه ما روي عن جابر بن عبد الله وعلي بن أبي طالب وغيرهم، فما قال صاحب "غاية المقصود": وأما الحديث الثاني للمغيرة وحديث علي فليس بين حديثيهما تعارض ... إلخ، نشأ من قلة التدبر.