للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأما الحديث فقد طعن فيه يحيى بن معين، وقال: لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القضاء بشاهد ويمين، وكذا روي عن الزهري لما سئل عن اليمين مع الشاهد، قال: بدعة، وروي أول من قضى بهما معاوية - رضي الله عنه -.

وكذا ذكر ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: كان القضاء الأول أن لا يقبل إلَّا شاهدان، وأول من قضى باليمين مع الشاهد عبد الملك بن مروان، مع ما أنه ورد مورد الآحاد، ومخالفًا للمشهور فلا يقبل، وقد روي عن بعض الصحابة: أنه قضى بشاهد ويمين في الأمان (١).

وعندنا يجوز القضاء في بعض أحكام الأمان بشاهد واحد إذا كان عدلًا بأن شهد أنه أمن هذا الكافر، تقبل شهادته حتى لا يقتل، ولكن يسترق، واليمين من باب ما يحتاط فيه، فيحمل على هذا، توفيقًا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض.

وبهذا يتبين بطلان مذهب الشافعي - رحمه الله - في رده اليمين إلى المدعي عند نكول المدعى عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما جعل اليمين حجة إلَّا في جانب المدعى عليه، فالرد إلى المدعي يكون وضع الشيء في غير موضعه، وهذا حد الظلم، انتهى.

وقال الحافظ في "الدراية" (٢): أخرجه مسلم من طريق قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، لكن ذكره الترمذي في "العلل" عن البخاري: أن عمرو بن دينار لم يسمعه من ابن عباس، انتهى.


(١) وهذا أوجه الأجوبة عندي أن قوله عليه الصلاة والسلام هذا حكايته حال لا عموم لها، فيحتمل الخصيصة بأمان كما قال، ويحتمل الخصيصة لرجل كالخصيصة لخزيمة بجعل شهادته شهادة اثنين، أو خصيصة لواقعة، كما سيأتي من قصة بني العنبر، فأجمل الراوي الحكم، وترك القصة، وقوله عليه الصلاة والسلام: "شاهداك أو يمينه". "والبينة للمدعي" ضوابط معروفة. (ش)
(٢) "الدراية" (٢/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>