للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأما السنَّة فما روي عن جابر - رضي الله عنه -: لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة، فأخذوا الحمر الأهلية فذبحوها، فحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الإنسية ولحوم الخيل، الحديث، وعن خالد بن الوليد أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، وعن المقدام بن معدي كرب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حرم عليكم الحمار الأهلي وخيلها"، وهذا نص على التحريم.

وبالإجماع، وهو أن البغل حرام بالإجماع، وهو ولد الفرس, فلو كانت أمه حلالًا لكان هو حلالًا أيضًا, لأن حكم الولد حكم أمه، لأنه منها وهو كبعضها، فلما كان لحم الفرس حرامًا كان لحم البغل كذلك.

وأما ما ورد من الأحاديث في باب الإذن والإباحة, فيحتمل أنه كان ذلك في الحال التي كانت تؤكل فيها الحمر يوم خيبر, وكانت الخيل تؤكل في ذلك الوقت ثم حرمت، يدل عليه ما روي عن الزهري أنه قال: ما علمنا الخيل أكلت إلَّا في حصار, وعن الحسن أنه قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكلون لحوم الخيل في مغازيهم، فهذا يدل على أنهم كانوا يأكلونها حال الضرورة، كما قال الزهري، أو يحمل على هذا عملًا بالدليل صيانة لها عن التناقض، أو يترجح الحاظر على المبيح احتياطًا.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم: قوله: "وأَذن لنا في لحوم الخيل"، فيه تصريح بأنه كان ذلك يوم خيبر، والرواية الآتية تفسر المراد بالإذن أنه كان تقريرًا منه - صلى الله عليه وسلم -، ثم إن خالدًا روى التحريم، ولا شك في أنه أسلم بعد خيبر، فلم تكن رواية التحريم إلا متأخرة، والأصل في رواية الصحابي أنه سمع من غير واسطة، واحتمال الواسطة عدول عن الظاهر، فلا يسلم من غير ضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>