للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

جيد، وأما إسناد حديث خالد بن الوليد ففي إسناده نظر، وصالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض.

وقد اختلف الناس في لحوم الخيل، فروي عن ابن عباس أنه كان يكره لحوم الخيل، وكرهها أصحاب الرأي ومالك، وقال الجكم: لحوم الخيل في القرآن حرام، ثم تلا: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (١) في تحريم لحوم الخيل، فإن الآية تدل على أن منفعة الخيل مقصورة على الركوب دون الأكل، وإنما ذكر الركوب والزينة لأنها مُعْظم ما يُبْتغى من الخيل، كقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}، فنصٌّ على اللحم, لأنه معظم ما يؤكل منه، وقد دخل في معناه دمه وسائر أجزائه، وقد سكت عن حمل الأثقال على الخيل، وقال في الأنعام ة {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (٢)، وقال: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} (٣)، وقال: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} (٤)، ثم لم يدل ذلك على أن حمل الأثقال على الخيل غير مباح، كذلك الأكل، انتهى.

قلت: واختلفت الروايات عن الإِمام أبي حنيفة - رحمه الله - في لحوم الخيل، فعلى رواية الحسن عنه أنه يحرم أكل لحم الخيل، وأما على ظاهر الرواية عن أبي حنيفة أنه يكره أكله، ولم يطلق التحريم لاختلاف الأحاديث المروية في الباب، واختلاف السلف، وكرهها احتياطًا لباب الحرمة، وأما الاستدلال لأبي حنيفة - رحمه الله - علي رواية الحسن بالكتاب، فبقوله جلَّ شأنه: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (٥)، واستدل به ابن عباس على كراهة أكلها، وهو أنه سُئل عن لحم الخيل فقرأ بهذه الآية، ولم يقل تبارك وتعالى: "لتأكلوها".


(١) سورة النحل: الآية ٨.
(٢) سورة النحل: الآية ٥.
(٣) سورة المؤمنون: الآية ٢٢.
(٤) سورة النحل: الآية ٧.
(٥) سورة النحل: الآية ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>