فمنها أن يكون الداعي عالمًا بأن لا قادر على حاجته إلَّا الله تعالى وحده، وأن الوسائط في قبضته ومسخرة بتسخيره، وأن يدعو باضطرار وافتقار، فإن الله لا يقبل الدعاء من قلب غافل.
(قال: قلت: ) يا رسول الله (اعهد إلى) أي: أوصني (قال: لا تسبن أحدًا) والسب: الشتم، وفيه تحريم السب، ولا يجوز للمسبوب إلَّا بمثل ما سبه ما لم يكن كذبًا أو قذفًا.
(قال) جابر بن سليم: (فما سببت بعده) أي: أحدًا (لا حرًا، ولا عبدًا، ولا بعيرًا، ولا شاة، قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ولا تحقرن من المعروف شيئًا) فكل معروف وإن قلَّ نفعه، فهو صدقة ينمو أجره إلى يوم القيامة، (و) لا تحقرن (أن تكلم أخاك) المؤمن (وأنت منبسط إليه وجهك) أي: بطلاقة الوجه وانبساطه (إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت) من أن ترفعه إلى نصف الساق (فإلى الكعبين) أي: فارفعه إليهما.
(وإياك وإسبال الإزار) وهو تطويله وترسيله نازلًا عن الكعبين إلى الأرض إذا مشى، وإنما يفعل ذلك في الغالب كبرًا (فإنها من المخيلة) أي من الخيلاء والكبر (وإن الله لا يحب المخيلة) أي: لا يرضى عنها (وإن امرؤ شتمك) فلا تشتمه (وعَيَّرك بما يعلم فيك) من الذنب والأفعال القبيحة (فلا تعيره