والثالث: أن الأعمش يصرح في حديث عبد الرحمن بن مغراء بأنه حدثه شيوخه عن عروة المزني، فلو كان عروة هذا مجهولًا لا يعرف كيف يحدث عنه الكثيرون من شيوخه؟ فيستدل بهذا أنه عروة بن الزبير، ونعته بالمزني غلط من عبد الرحمن، ووهم منه, لأنه غير موثوق به، خصوصًا إذا خالفه وكيع.
والرابع: أن المعروف عند المحدثين أن من يذكر غير منسوب يحمل على ما هو المشهور المتعارف فيما بينهم، ولا يحمل على المجهول قطعًا.
والخامس (١): قال عروة: "فقلت لها من هي إلَّا أنت فضحكت"، هذا الكلام يدل على أن عروة ها هنا هو ابن الزبير, لأن مثل هذا الكلام لا يمكن أن يجري إلَّا على لسان من كان بينه وبينها بَسُوْطَة، فعروة بن الزبير ابن أخت عائشة -رضي الله تعالى عنها -، يمكن أن يجسر بمثل هذا الكلام, لأنها خالته، ولا يمكن أن يجسر به عندها من ليس له نوع تعلق بها.
السادس: الروايات التي أخرجها الإِمام أحمد في "مسنده"، والدارقطني في "سننه" بسنديهما من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة تدل أيضًا على أن عروة ههنا، هو ابن الزبير لا المزني.
السابع: أن سليمان الأعمش وإن كان ثقة حافظًا، لكن يحدث عن أصحاب له مجهولين، فكيف يعتمد على قولهم: ولا يدرى من هم، والله أعلم.