فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُوْلي الإرْبَةِ. فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً، وَقَالَ: إنَّهَا إذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ،
===
وهو الذي يتشبه بالنساء في أخلاقه وكلامه وحركاته وسكناته، وتارة يكون هذا خلقة، ولا ذم له ولا إثم عليه، ولذا لم ينكر - صلى الله عليه وسلم - أولًا دخوله على النساء، وتارة يكون بتكلف، وهو ملعون لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء"، وأما دخوله على أمهات المؤمنين فلأنهن اعتقدن أنه من غير أولي الإربة، فلما سمع - صلى الله عليه وسلم - الكلام المذكور في الحديث علم أنه من أولي الإربة، فمنع بقوله:"لا يدخل عليكن هذا"، أو لأنه يترتب الفساد على دخوله على النساء لوصفه إياهن للأجانب.
واختلف في اسمه، فقيل: هيت بكسر الهاء وسكون المثناة التحتية ثم مثناة فوقية، وهو مولى عبد الله بن أبي أمية أخي أم سلمة، قال ابن رسلان: واختلف في اسم هذا المخنث، قال القاضي: والأشهر أن اسمه هيت بكسر الهاء ثم مثناة تحت ساكنة ثم مثناة فوق، وقيل: صوابه هنب (١) بالنون والباء الموحدة، قاله ابن درستويه، وأن ما سواه تصحيف، وقيل: اسمه ماتع مولى فاختة المخزومية، وهي بنت عمرو بن عائذ.
(فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة) والإربة والإرب الحاجة والشهوة (فدخل علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا وهو) أي: المخنث (عند بعض نسائه) وهي أم سلمة (وهو ينعت) أي: يصف (امرأة، وقال: ) أن فتح عليك الطائف فعليك ببادية بنت غيلان الثقفي (إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع) أي: عُكَن البطن، تُقبل بهن من كل ناحية اثنان، ولكل واحد طرفان (وإذا أدبرت أدبرت بثمان) أي: صارت أطراف العُكَن ثمانية، والعكنة هي الطيَّة التي تكون في البطن من كثرة السمن، يقال: تعكن البطن إذا صار ذلك فيه، وتمام كلام المخنث: مع ثغر كالأقحوان، إن جلست تثنت، وإن تلكمت تغنَّت، بين رجليها كالإناء المكفوء.
(١) وبها جزم في اسم المخنث في "التلقيح" (ص ٣٧٢). (ش).