كُلَيْبٍ، عن أَبِي بُرْدَةَ، عن عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قُلِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي، وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ بِالْهِدَايَةِ هِدَايَةَ الطَّرِيقِ، وَاذْكُرْ بِالسَّدَادِ تَسْدِيِدَكَ السَّهْمَ"
===
كليب، عن أبي بردة، عن علي) بن أبي طالب (قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل: اللَّهُمَّ اهدني، وسَدِّدْني، واذكر بالهداية) في قلبك (هدايةَ الطريق) كما أن الطريق يسلك في وسطها, ولا يميل السالك إلى اليمين والشمال، ولو مال، لم يبلغ المقصود، كذلك تذكر بالهداية أن بلوغ المقصود موقوف على الاستقامة فيه.
وكذا (واذكر بالسداد تسديدَكَ السهمَ) أي استواءه واستقامته، فكذلك يسددني الله سبحانه، ويقممني بأن لا يبقى فيَّ اعوجاجٌ، كما لا يكون في السهم.
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: قوله: "واذكر بالهداية هداية الطريق" إنما أمره بذلك ليكون أجمع لوساوس القلب، وأيضًا فإن الفكر في المحسوسات أجرى منه في المعقولات، فنبه أن يتصور عند دعائه هدايةَ الطريق وسدادَ السهم، لئلا يخطر بباله غيرهما مما هو دونهما في حصول هذين المطلوبين.
وفيه إشارة إلى جواز تصور الشيخ، فإن الشيخ ليس أقلَّ مرتبةً عند الله من السهم والطريق، لا سيما عند معتقديه، كيف وفيه جمع للخواطر ولو إلى جهة أسفل من التي يجب إرجاعها إليها، وهو الواجب تعالى شأنه، ولا ضير أيضًا في حبه إياه عند التصور، نعم يضره أن يتصور شيخه متصرفًا في أمر باطنه حين التصور، أو حاضرًا لديه، أو عالمًا بحاله، ولذلك اختلفت فيه الشيوخ، ولعل النزاع بينهما لفظي، فمن جوَّزه أراد الأول، ومن منعه أراد الثاني؛ إلَّا أن العلماء لما رأوا أنه منجر إلى فساد عقائد العوام أطلقوا فيه المنع، وهو الحق حسب اقتضاء المقام، فكم من مستحب صار حرامًا لعارضٍ مَّا، فكيف بما كان مباحًا، انتهى.