للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا". [ك ٤/ ٥٢٢]

===

والبدعة (من يجدد لها) (١) أي لهذه الأمة (دينَها) أي بيَّن السنَّة من البدعة، ويكثر العلم، ويعز أهله، ويقمع البدعهَ، ويكسر أهلها.

قال صاحب "جامع الأصول" (٢): وقد تكلم العلماء في تأويله، وكل واحد أشار إلى العالم الذي هو في مذهبه، وحمل الحديث عليه، والأولى الحملُ على العموم, فإن لفظة "من" تقع على الواحد والجمع، ولا يختص أيضًا بالفقهاء، فإن انتقاع الأمة بهم وإن كان كثيرًا فانتفاعهم بأولي الأمر وأصحاب الحديث، والقُرَّاء والوعاظ والزهاد أيضًا كثير، إذ حفظُ الدين، وقوانينُ السياسة، وبثُ العدل وظيفة أولي الأمر، وكذلك القراء، وأصحاب الحديث ينفعون بضبط التنزيل والأحاديثِ التي هي أصولُ الشرع وأدلَّتُه، والوعاظ ينفعون بالوعظ والحث على لزوم التقوى، لكن المبعوث يشترط أن يكون مشارًا إليه في كل فن من هذه الفنون.

والأظهر عندي (٣) - والله أعلم - أن المراد بمن يجدد ليس شخصًا واحدًا،


(١) وللسيوطي رسالة مستقلة مكتوبة في آخر "الدرر المنتثرة"، ولخص كلامه في حاشية أبى داود، وكذا صاحب "عون المعبود" (١١/ ٢٦٥)، وبسط الدمنتي في "الدرجات" (ص ١٨٧) على حديث الباب أشدَّ البسط، وذكر اختلاف رواياته من زيادة لفظ "من أهل بيتي" أيضًا في بعضها، ووجَّه توجيهه، وحكى عن السيوطي: عُلِمَ منه أنه لا بدَّ عند رأسها من محنة شديدة يقرنها الله عز اسمه بمنحة عظيمة، وهي من يبعثه لتجديد الدين وإحيائه جبرًا لما حصل من وهن، ولذا أدخل أبو داود هذا الحديث في الملاحم، انتهى. وذكر شيئًا من ذلك في "فتاوى مولانا عبد الحي" (ص ١٦٦)، وقال: الحديث أخرجه في "مسند حسن بن سفيان"، و"البزار"، و"المعجم الأوسط" للطبراني (٦٥٢٧)، و"الكامل لابن عدي", و"المستدرك" (٨٥٩٢)، و"حلية أبي نعيم"، و"مدخل البيهقي" وغيرها، وبسط في أنه لا بدَّ له أن يكون في رأس السنة، وذكر شيئًا منه في "المقاصد الحسنة" رقم (٢٣٨)، و"قرة العيون"، و"شرح الإحياء"، و"شرح البخاري" للكرماني، وعنه العيني. (ش).
(٢) "جامع الأصول" (١١/ ٣٢٠) ح (٨٨٨١).
(٣) أي: علي القاري في "المرقاة" (١/ ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>