للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بل المراد به جماعة (١)، يجدد كل واحد في بلد في فن أو فنون من العلوم الشرعية ما تيسر له عن الأمور التقريرية أو التحريرية، ويكون سببًا لبقائه وعدم اندراسه وانقضائِه إلى أن يأتي أمر الله، ولا شك أن هذا التجديد أمر إضافىِ؛ لأن العلم كلَّ سنةٍ في التنزل، كما أن الجهل كل عام في الترقي، وإنما يحصل ترقي علماء زماننا بسبب تنزل العلم في أواننا، وإلَّا فلا مناسبة بين المتقدمين والمتأخرين علمًا وعملًا، وحلمًا وفضلًا، وتحقيقًا وتدقيقًا؛ لما يقتضي البعد عن زمنه عليه الصلاة والسلام، كالبعد عن محل النور يوجب كثرة الظلمة، وقلة الظهور, ويدل عليه ما في البخاري (٢) عن أنس مرفوعًا: "لا يأتي على أمتي زمان إلَّا الذي بعده شر منه", وما في "الكبير" (٣) للطبراني عن أبي الدرداء مرفوعًا: "ما من عام إلَّا وينتقص الخير فيه، ويزيد الشر"، وما في الطبراني (٤) عن ابن عباس قال: "ما عن عام إلَّا ويحدث الناس بدعة, ويميتون سنة، حتى تمات السنن وتحيى البدع".

وهذه النبذة اليسيرة أيضًا إنما هي من بركات علومهم ومددهم، فيجب علينا أن نكون معترفين بالفضل للمتقدمين رضي الله عنهم أجمعين، قاله القاري (٥).

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: "من يجدد لها دينها" أي نوعًا منهم وأشخاصًا، فلا يلزم أن يكون واحدًا بالشخص، وإن ذهب العلماء في معنى الحديث إلى الذي نفينا، ووجه ما ذهبنا إليه أنه


(١) وَعَدَّ بعضهم في "المجمع" (١/ ٣٢٨)، والبسط في "جزء المجددين" لهذا العبد الفقير. (ش).
(٢) "صحيح البخاري" (٧٠٦٨).
(٣) انظر: "مجمع الزوائد" (٧/ ٤٥٠) رقم (١١٩٦٢).
(٤) "المعجم الكبير" (١٠/ ٢٦٢) رقم (١٠٦١٠).
(٥) انظر: "المرقاة" (١/ ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>