للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ونقل في الحاشية عن "مرقاة الصعود" و"فتح الودود": هذا ما صح في مدة لبثه، وما دل على خلاف ذلك فهو مُؤَوَّل، ونقل في حاشية المكتوبة الأحمدية عن "فتح الودود": قوله: "أربعين سنة"، وما في "صحيح مسلم": "أنه يهلك الدجال، ثمّ يمكث النَّاس سبع سنين" فمعناه أن النَّاس بعد موته يمكثون سبع سنين فلا مخالفة.

قال في "الدرجات" (١): "فيمكث في الأرض أربعين سنة". قال الحافظ عماد الدين بن كثير: يشكل بما في مسلم من حديث عبد الله بن عمرو: أنه يمكث في الأرض سبع سنين، قال: اللهُمَّ إِلَّا أن تُحمَل هذه السبعُ على مدة إقامته بعد نزوله، فيكون ذلك مضافًا لمكثه بها قبل رفعه إلى السَّماء، فعمره إذ ذاك ثلاث وثلاثون سنة بالمشهور.

قال جط (السيوطي): وقد أقمت سنين أجمع بينهما، فرأيت البيهقي قال في كتاب "البعث والنشور": كذا جاء: "إنّه يمكث بها أربعين سنة"، وفي مسلم عن عبد الله بْن عمرو: "فيبعث الله عيسى ابن مريم فيطلبه فيهلكه، ثمّ يلبث النَّاس بعده سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة"، قال البيهقي: فلعلّ قوله: "يلبث النَّاس بعده" أي بعد موته فيوافق الأوّل.

فترجح عندي تأويله هذا من وجوه، الأوّل: أن ما ذكره البيهقي ليس نصًّا، كما قاله عماد الدين في الأخبار عن مدة لبث عيسى وما نصّ فيها؛ إذ "ثمّ" يؤيد هذا التّأويل؛ لأنه للتراخي. الثّالث (٢): قوله: "يليث النَّاس بعده" فيتَجه أن ضمير "بعده" لعيسى؛ لأنه أقرب مذكور. الرّابع: أنه لم يردّ في ذلك إِلَّا هذا الحديث المحتمل بلا ثان، وقد ورد مكثُ عيسى على نبيّنا و-عليه السّلام- أربعين سنة بعدة أحاديث بطرق مختلقة، منها ما لأبي داود وهو صحيح، وما للطبراني لأبي هريرة مرفوعًا: "فيمكث في النَّاس أربعين سنة" و"بزهد" أحمد عنه مثله، وبـ "مسنده" برفع عائشة مثله، والطبراني لابن مسعود مثله، فهذه الأحاديث المتعددة الصريحة أولى من هذا الواحد المحتمل.


(١) "درجات مرقاة الصعود" (ص ١٨٨).
(٢) كذا في الأصل و"الدرجات"، والظاهر أن يكون: الثاني، وبعده: الثّالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>