للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال في "فتح القدير" (١): قوله: يجب القطع بإقراره مرّة واحدة عند أبي حنيفة، ومحمد، ومالك، والشّافعيّ، وأكثرِ علماء هذه الأمة، وقال أبو يوسف: لا يقطع إِلَّا بإقرار مرتين، وهو قول أحمد، وابن أبي ليلى، وزفر، وابن شبرمة، وروي عن أبي يوسف اشتراط كون الإقرارين في المجلسين.

استدلوا بالمنقول والمعنى.

أما المنقول فما روى أبو داود، عن أبي أمية المخزومي، "أنه عليه الصّلاة والسلام أتي بلص قد اعترف، ولم يوجد معه متاع، فقال - صلّى الله عليه وسلم -: ما إخالك سرقت، فقال: بلى يا رسول الله! فأعادها عليه السّلام مرتين أو ثلاثًا فأمر به فقطع"، فلم يقطعه إِلَّا بعد تكرار إقراره.

وأسند الطحاوي (٢) إلى علي - رضي الله عنه -: أن رجلًا أقر عنده بسرقة مرتين، فقال: قد شهدت على نفسك شهادتين فأمر به فقطع، فعلقها في عنقه.

وأمّا المعنى: فإلحاق الإقرار بها بالشهادة عليها في العدد، فيقال: حَدَّ، فيُعتبرُ عدد الإقرار به بعدد الشهود، نظيره إلحاق الإقرار في حد الزِّنا في العدد بالشهادة فيه.

ولأبي حنيفة ما أسنده الطحاوي (٣) إلى أبي هريرة في هذا الحديث، "قالوا: يا رسول الله! إن هذا سرق، فقال: ما إخاله سرق، فقال السارق: بلى، يا رسول الله! قال: اذهبوا به فاقطعوه، ثمّ احسموه، ثمّ ائتوني به، قال: فذهب به فقُطع، ثمّ حُسم، ثمّ أُتي به إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقال: تب إلى الله عَزّ وجلَّ، فقال: تبت إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فقال: تاب الله عليك". فقد قطعه بإقراره مرّة.


(١) "فتح القدير" (٥/ ٣٤٧).
(٢) في "شرح معاني الآثار" (٣/ ١٧٠) موقوفًا عليه رضي الله عنه.
(٣) المصدر السابق (٣/ ١٦٨)، و"سنن البيهقي" (٨/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>