للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الشافعي: فدلت السنَّة على أن الجلد ثابت على البكر، وساقط عن الثيب، والدليل على أن قصة ماعز متراخية عن حديث عبادة: أن حديث عبادة ناسخ لما شُرعَ أولًا من حبس الزاني في البيوت، فنُسخ الحبسُ بالجلد، وزيد على الثيب الرجمُ، وذلك صريح في حديث عبادة، ثم نُسخ الجلد في حق الثيب، وذلك مأخوذ من الاقتصار في قصة ماعز على الرجم، وذلك في قصة الغامدية والجهنية واليهوديين لم يذكر الجلد مع الرجم.

وقال ابن المنذر: عارض بعضهم الشافعي، فقال: الجلد ثابت في كتاب الله، والرجم ثابت بسنَّة رسول الله، كما قال علي - رضي الله عنه -، وقد ثبت الجمع بينهما في حديث عبادة، وعمل به علي رضي الله عنه، ووافقه أُبيّ، وليس في قصة ماعز ومن ذكر معه تصريح بسقوط الجلد عن المرجوم؛ لاحتمال أن يكون تَرَكَ ذكرَه لوضوحه فلا يرد ما وقع التصريح به.

والجواب عنه: أن قصة ماعز من طرق متنوعة بأسانيد مختلفة لم يذكر في شيء منها أنه جلد، وكذلك الغامدية والجهنية وغيرهما، وقال في ماعز: "اذهبوا فارجموه"، وكذا في حق غيره، ولم يذكر الجلد، فدل تركُ ذكرِه على عدم وقوعه، ودل عدمُ وقوعه على عدم وجوبه، انتهى.

وأما البكر الزاني والزانية اختلف العلماء فيهما، فقال الجمهور: يُجلدان ويُنفَيان، وقال الحنفية: يجلدان فقط، وحاصل الاختلاف أن النفي داخل في الحد أم لا؟ فالجمهور (١) يُدخِلونه في الحد، والحنفيةِ لا يُدخِلونه.

قال الحافظ (٢): نقل محمد بن نصر في "كتاب الإجماع" الاتفاقَ على نفي الزاني إلا عن الكوفيين، ووافق الجمهورَ منهم ابنُ أبي ليلى وأبو يوسف، وادّعى الطحاوي أنه منسوخ،


(١) منهم الأئمة الثلاثة، كما قال الترمذي. (ش).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>