للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واختلف القائلون بالتغريب، فقال الشافعي والثوري وداود والطبري بالتعميم، وفي قول للشافعي: لا ينفى الرقيق، وخص الأوزاعي النفيَ بالذكورية، وبه قال مالك، وقيد بالحرية، وبه قال إسحاق، وعن أحمد روايتان.

واحتج من شرط الحرية بأن في نفي العبد عقوبة لمالكه؛ لمنعه منفعتَه مدةَ نفيه، وتصرفُ الشرع يقتضي أن لا يعاقَبَ إلَّا الجاني، ومن ثم سَقَطَ فرضُ الحج والجهاد عن العبد.

وقال ابن المنذر: أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة العسيف أنه يقضي فيه بكتاب الله، ثم قال: إن عليه مائة وتغريب عام، وهو المبيِّن لكتاب الله، وخطب عمر بذلك على رؤوس الناس، وعمل به الخلفاء الراشدون فلم ينكره أحد، فكان إجماعًا.

واختُلِفَ في المسافة التي ينفى إليها، فقيل: هو إلى رأي الإِمام، وقيل: يشترط مسافة القصر، وقيل: إلى ثلاثة أيام، وقيل: إلى يومين (١)، وقيل: من عمل إلى عمل، وقيل: إلى ميل، وقيل: إلى ما يطلق عليه اسم نفي، وشرط المالكية الحبسَ في مكان ينفى إليه، انتهى.

واستدل (٢) الطحاوي (٣) للحنفية أن حكم الجلد والتغريب عام شامل للحر والعبد، وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأمة إذا زنت فقال: "فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها بضفير"، وثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم"، فلما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في


(١) وقيل: يوم وليلة، كما في "الفتح" (١٢/ ١٥٧).
(٢) وأجاد صاحب "الهداية" (١/ ٣٤٣) في الاستدلال بوجوه، فأرجع إليه، وإلى "فتح القدير" (٥/ ٢٣٠، ٢٣١)، وفي، "الشامي": غرَّب عمرُ رضي الله عنه فتنصَّر، فقال: لا أغرِّب بعد هذا ... إلخ؛ فلو كان داخلَ الحد لم يمتنع عنه عمرُ رضي الله عنه. [انظر: "رد المحتار" (٦/ ١٩)]. (ش).
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" (٣/ ١٣٦، ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>