للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ حَمْلٌ،

===

والإِسلام، والنكاح الصحيح، وكونُ الزوجين جميعًا على هذه الصفات، وهو أن يكونا جميعًا عاقلين، بالغين، حرَّين، مسلمين، فوجود هذه الصفات جميعًا فيهما شرط لكون كل واحد منهما محصنًا، والدخولُ في النكاح الصحيح بعد سائر الشرائط متأخرًا عنها، فإن تقدَّمها لم يُعتَبَرْ ما لم يوجد دخول آخر بعدها.

(إذا قامت البينة، أو كان حَمل) قال الشوكاني في "النيل" (١): قد استدل بذلك من قال: إن المرأة تُحَدُّ إذا وُجدت حاملًا ولا زوج لها ولا سيد، ولم ينكر (٢) شبهة، وهو مروي عن عمر ومالك وأصحابه، قالوا: إذ حملت ولم يُعلم لها زوج، ولا عرفنا إكراهَها لزمها الحد، إلا أن تكون غريبة، وتدعي أنه من زوج أو سيد.

وذهب الجمهور إلى أن مجرد الحمل لا يثبت به [الحد]، بل لا بد من الاعتراف أو البينة، واستدلوا بالأحاديث الواردة في درء الحدود بالشبهات (٣).

والحاصل أن هذا من قول عمر - رضي الله عنه -، ومثل ذلك لا يثبت به مثل هذا الأمر العظيم الذي يفضي إلى هلاك النفوس، وكونُه قاله في مجمع من الصحابة ولم يُنكَرْ عليه، لا يستلزم أن يكون إجماعًا، كما بينا ذلك في غير موضع من هذا الشرح؛ لأن الإنكار في المسائل الاجتهادية غير لازم للمخالف، ولا سيما والقائل بذلك عمر - رضي الله عنه -، وهو بمنزلة من المهابة في صدور الصحابة وغيرهم، إلا أن يدَّعى أن قوله: "إذا قامت البينة، أو كان الحمل، أو الاعتراف" من تمام ما يرويه عن كتاب الله تعالى، ولكنه خلاف


(١) "نيل الأوطار" (٤/ ٥٥٤).
(٢) كذا في الأصل، وفي "النيل": "ولم تذكر شبهة".
(٣) كما روي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا وموقوفا عليها: ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ... الحديث. أخرجهما الترمذي ١٤٢٤، ١٤٢٥، ورجَّح وقفَه، ثم قال: وقد روي نحوُ هذا عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا مثلَ ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>