والآخر منها، فلم نقف على الناسخ والمنسوخ منها ببيان بَيِّنٍ يحكم به دون ما سواه، فنظرنا إلى ما اجتمع إليه الخلفاء الراشدون والأعلام من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذنا بإجماعهم بالرخصة فيه، وبالحديث الذي يروى فيه الرخصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قلت فيه: أولًا: أن البيهقي خالف إمامه الشافعي في قوله: فلم نقف على الناسخ والمنسوخ منها، وقد تقدم أن إمامه صرح يكون حكم الوضوء منسوخًا.
وثانيًا: أن البيهقي صرح يكون إيجاب الوضوء منه ناسخًا على التوهم، والتوهم لا يكون حجة بل لا يكون قابلًا للقبول ولا يلتفت إليه.
وثالثاً: أن الحديث الذي ذكره في معرض الاستدلال على كون إيجاب الوضوء هو الناسخ، في سنده زيد بن جبيرة عن أبيه، وزيد هذا، قال ابن معين: لا شيء، وقال ابن أبي حاتم والبخاري: منكر الحديث، كذا في "الجوهر النقي"(١).
١٩٣ - (حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: ثنا عبد الملك بن أبي كريمة) الأنصاري مولاهم، أبو زيد المغربي، روى له أبو داود حديثًا واحدًا في ترك الوضوء مما مست النار، قال أبو العرب في "طبقات علماء القيروان": كان ثقة خيارًا، يقال: إنه كان مستجابًا، وقال سحنون: كان ورعًا صاحب أحاديث، وقال أبو جعفر أحمد بن أبي خالد المقرئ: كان ثقة، مات سنة ٢٠٤ هـ أو بعدها.