للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: نعم لا يخالف الحقيقة إلَّا لدليل، وها هنا دليل ظاهر، فإن في حديث ابن عباس أنه يعجب ممن يزعم أن الوضوء مما مست النار، ويضرب فيها الأمثال، ويقول: إنا نستحمّ بالماء المسخن، ونتوضأ به، وندهن بالدهن المطبوخ، وذكر أشياء مما يصيب الناس حتى قال لأبي هريرة حين حدثه أبو هريرة هذا الحديث كما في الترمذي (١) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوضوء مما مست النار ولو من ثور أقط، فقال له ابن عباس: أنتوضأ من الدهن! أنتوضأ من الحميم! فقال أبو هريرة: يا ابن أخي! إذا سمعت حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تضرب له مثلًا".

فهذا ابن عباس مع وفور علمه لا يمكن أن يخالف قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومحال أن يعترض على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل هو يعترض على فهم أبي هريرة بأن ما فهمه من هذا الحديث، وحمله على الوضوء الشرعي غلط وباطل، بل هو محمول على الوضوء اللغوي.

وكذلك استدلاله في مقابلة هذا الحديث بقوله كما رواه البيهقي (٢): "لقد رأيتني في هذا البيت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد توضأ، ثم لبس ثيابه، فجاء المؤذن، فخرج إلى الصلاة حتى إذا كان في الحجرة خارجًا من البيت لقيته هدية عضو من شاة، فأكل منه لقمة أو لقمتين، ثم صلَّى وما مس ماءً"، يرشد إلى أنه حمل الوضوء على الوضوء اللغوي استحبابًا، وإلَّا فلا يكون لقوله محملٌ صحيحٌ.

وأيضًا الحديث الذي رواه ابن عباس في المضمضة من اللبن، وقال


(١) "سنن الترمذي" ح (٧٩).
(٢) "السنن الكبرى" (١/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>