للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَمِيرَةَ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ- أَخْبَرَهُ، قَالَ: "كَانَ لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ حِينَ يَجْلِسُ إلَّا قَالَ: اللَّه حَكَمٌ قِسْطٌ، هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَوْمًا: إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ حَتَّى يَأخُذَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرَأَةُ، وَالْكَبِيرُ (١) وَالصَّغِيرُ، وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ، فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأتُ الْقُرْآنَ؟ ! مَا هُمْ بِمُتَّبعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ! فَإيَّاكُمْ وَمَا ابْتَدَعَ، فَإنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ، وَأُحَذِّرُكُمْ زيغَةَ الْحَكِيمِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقْولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الْحَكِيمِ، وَقَدْ يَقُولُ الْمُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ.

===

عَميرة) مكبرًا (- وكان من أصحاب معاذ بن جبل- أخبره، قال) يزيد: (كان) معاذ بن جبل (لا يجلس مجلسًا للذكر) أي الوعظ (حين يجلس إلَّا قال): إن (اللهَ حَكَمٌ قِسطٌ) أي حَاكمٌ عَادِلٌ (هَلَكَ المُرْتابون) أي الشاكُّون.

(فقال معاذ بن جبل يومًا: إن من ورائكم) أي قدامكم (فِتنًا) في الدين (يكثُر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذَه المؤمنُ والمنافقُ، والرجلُ والمرأةُ، والكبيرُ والصغيرُ، والعبدُ والحر) ويَأْخُذ لفظَه ولا يَتَفَقَّهُ معناه.

(فيُوشك قائلٌ أن يقول) أي في قلبه: (مَا للناس لا يَتَّبِعُوني وقد قرأتُ القرآن؟ ! مَا هُم بِمُتَّبِعِيَّ حتى أبتدِعَ لهم غيره! ).

قال في "فتح الودود": يقول ذلك لما رآهم يتركون القرآنَ والسنَّةَ وَيتَّبِعُون الشيطانَ والبدْعَةَ.

(فإياكم وما ابتُدِع) فاحْذَروه (فإن ما ابتُدِع) أي الذي ابتُدِع في الدين (ضلالةٌ، وأُحذِّركم) أي أُخَوِّفُكُم (زَيْغَةَ الحكيم) أي انحرافه عن الحق، فإن ما في زَيغة الحكيم من المضارّ ليس في زيغة الجاهل، (فإن الشيطانَ قد يقولُ) أي يجري (كلمةَ الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافقُ كلمةَ الحق) أي يجرى على لسانه الحق.


(١) في نسخة: "والصغير والكبير".

<<  <  ج: ص:  >  >>