للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ كَثيرٍ وَمَعْنَاهُمْ-، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عن الْقَدَرِ، فَكَتَبَ: أَمَّا بَعْدُ! أُوْصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، وَالاقْتِصَادِ في أَمْرِهِ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ (١) - صلى الله عليه وسلم -،

===

(وهذا لفظ حديث ابن كثير، ومعناهم) أي معنى غير ابن كثير (قال: كتب رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز يسألُه عن القدَر) بفتح الدال ويسكن، ما قدَره اللهُ تعالى من القضايا.

قال في "شرح السنَّة" (٢): الإيمان بالقدَر فرضٌ لازمٌ، وهو أن يُعتقدَ أن الله تعالى خالق أعمال العباد خيرِها وشرِّها، كتبها في اللَّوْح المحفوظ قبل أن يخلُقَهم، والكُل بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته، غير أنه يرضَى الإيمانَ والطاعَة، وَوَعَدَ عليهما الثواب، ولا يرضَى الكفرَ والمعصيةَ، وأَوْعَد عليهما العقابَ.

والقدر سِرٌّ من أسرار الله تعالى، لم يُطْلِع عليه مَلَكًا مقرَّبًا، ولا نبيًّا مُرْسَلًا، ولا يجوز الخوض فيه والبحث عنه بطريق العقل، بل يجب أن يعتقد أن الله تعالى خَلَقَ الخَلْق، فجعلهم فرقَتَيْن، فرقةً خلقهم للنَعِيْم فَضْلًا، وفرقةَ للجَحيم عَدْلًا.

وسأل رجلٌ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: أخبرني عن القدر؟ فقال: طريق عظيم لا تسلكْه، فأعاد السؤالَ، فقال: بَحْرٌ عميقٌ لا تَلِجْه، فأعاد السؤال، فقال: سِرُّ الله قد خفي عليك فلا تفَتِّشْه، ولله دَرُّ مَنْ قال:

تَباركَ من أجرَى الأمورَ بحكمةٍ ... كما شاء لا ظُلمًا أراد ولا هَضما

فمالك شيء غير ما الله شاءه ... فإن شئت طِبْ نفسًا وإن شئت مُتْ كَظْما

(فكتب) عمر بن عبد العزيز: (أما بعد! أوصيك بتقوى الله) أن تلزمها نفسك (والاقتصاد) أي الاعتدال (في أمره) أي الله سبحانه، (واتباع سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -،


(١) في نسخة: "رسوله".
(٢) "شرح السنَّة" (١/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>