للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ بَعْدَ مَا جَرَتْ بهِ سُنَّتُهُ، وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ، فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ، فَإنَّهَا لَكَ- بِإذْنِ اللهَ- عِصْمَةٌ. ثُمَّ اعْلَم أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِعِ النَّاسُ بِدْعَةً إلَّا قَدْ مَضَى قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيل عَلَيْهَا، أَوْ عِبْرةٌ (١) فِيهَا. فَإنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ مَا في خِلَافِهَا- وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ كَثِيرٍ: مَنْ قَدْ عَلِمَ- مِنَ الْخَطَأ وَالزَّلَلِ وَالْحُمْقِ وَالتَّعَمُّقِ، فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ لأَنْفُسِهِمْ، فَإنَّهُمْ عَلَى (٢) عِلْمٍ وَقَفُوا، وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا،

===

وترك ما أحدَث المُحْدِثون) أي ابتدع المبتدعون (بعد ما جرتْ به سنته، وكفُوا مُؤْنته) أي كفاهم الله ورسوله ببيان الطريقة المرضية عن أحداث المحدثات وتحمل أثقالها، (فعليك بلزوم السنَّة) أن لا تتجاوز عنها (فإنها) أي السنة (لك بإذن الله عصمة) من المخاوف والمهالك.

(ثم اعلم أنه لم يَبتدع الناس بدعة إلَّا قد مضى قبلها) في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما هو دليل عليها) أي على بطلانها وقُبحها (أو عِبْرة فيها) أي ما مضى قبل البدعة فيها عبرة لبطلان البدعات، أو عبرة في البدعات بأن يجتنبوها، (فإن السنةَ إنما سَنَّها) أي جعلها طريقةً مسلوكةً (مَنْ قد علم ما في خلافها) من الفساد والقبح، وهو الله سبحانه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (ولم يَقلْ ابن كثير: "من قد عَلِم"). ولعله ذكر لفظًا آخر في معناه، لم يحفظه المصنف فتركه، وإنما ذكر هذا اللفظ الربيعُ وهنادُ (من الخطأ) بيان للفظ "ما في خلافها" (والزَّلَل والحمق والتعمُّق) أي التكلف.

(فارْضَ لنفسك ما رضي به القوم) أي السلف الصالح من الصحابة (لأنفسهم، فإنهم على علم وَقَفوا) لأنهم أخذوا العلمَ من مشكاة النبوة، (وببَصَرٍ نافذٍ) أي بصيرةٍ ساريةٍ (كفُّوا) عن المحدثات والبدعات.


(١) في نسخة: "وعبرة ما فيها".
(٢) في نسخة: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>