للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَهُمْ عَلَى كَشْفِ الأَمُورِ كَانُوا أَقْوَى، وَبِفَضْلِ مَا كَانُوا فِيهِ أَوْلَى، فَإنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ إلَيْهِ، وَلَئِنْ قُلْتُمْ: إنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ، مَا أَحْدَثَهُ إلَّا مَن اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ وَرَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ: فَإنَّهُمْ هُمْ السَّابِقُونَ، فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا يَكْفِي، وَوَصَفُوا (١) مِنْهُ مَا يَشْفِي، فَمَا دُونَهُمْ مِنْ مَقْصَرٍ، وَمَا فَوْقَهُمْ مِنْ مَحْسَرٍ، وَقَدْ قَصَّرَ قَوْمٌ دُونَهُمْ فَجَفَوْا، وَطَمَحَ عَنْهُمْ أَقْوَامٌ فَغَلَوْا، وإنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ.

===

(ولَهُم) اللام للتأكيد والضمير مبتدأ (على كشف الأمور) أي المسائل الدقيقة (كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه) من العلوم والبصيرة (أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه) دون ما هم (لقد سبقتموهم) أي السلف (إليه) أي إلى الهدى، وذلك بعيدٌ جدًا لا يمكن ذلك.

(ولئن قُلتم: إن ما حدث بعدهم ما أحدثه إلَّا مَنِ اتَّبع غيرَ سبيلهم، ورَغِب بنفسه عنهم) يعني إن تَشبَّثَ أحد أن السبيل الذي نَسْلُكُه غير ما سلكه هؤلاء فلا يجب اقتداؤهم فيه؛ لأن الاقتداء حيث يَتَّحدُ السبيل، وإذْ لا فَلَا (فإنهم) جواب لقوله: "لئِّن قلتم" أي فاعْلموا أنهم (هم السابقون، فقد تكلموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي) أي فلا منجا في غير سبيلهم (فما دونهم من مَقْصَر، وما فوقهم من مَحْسَر) (٢) يعني أن الإفراط والتفريط بما قرَّروه كِلاهما خطأ، فالتفريط عنه قُصُور، والزيادة عليه كلال وعي، فهذا في الاعتقاديات، إذ الكلام فيها.

(وقد قَصَّر قومٌ دونهم فَجَفوا) أي لم يَصِلوا حدّ الاعتدال (وطَمَح) أي ارتفع (عنهم أقوامٌ فَغَلَوا) أي تجاوزوا عن الحد، ولم يَقِفوا على الحد الشرعي (وإنهم) أي السلف (بين ذلك) في الوسط (لعلى هدًى مستقيم).


(١) في نسخة: "ووضعوا".
(٢) مَحْسَر: من حَسَر البصرُ حُسُورًا: إذا كلّ وانقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>