للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ} , فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا: أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ, وَعَائِدِينَ, وَمُقْتَبِسِينَ (١).

فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ, ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا, فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ, وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَأَنَّ هَذِهِ (٢) مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ, فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا (٣)؟

فَقَالَ: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ, وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كان عَبْدًا حَبَشِيًّا (٤).

===

عَلَيْهِ} (٥)، فسَلَّمْنا وقلنا: أتيناكَ زائرِين) من الزيارة، (وعائدِين) من العيادة، (ومقتبِسِين) أي محصلين نور العلم منك.

(فقال العِرْباض: صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، ثم أقبل علينا) بوجهه، (فَوَعَظَنا موعظةً بليغةً ذَرَفَتْ) أي سَالَتْ (منها العيونُ، ووَجِلَتْ) أي خَافتْ (منها القلوبُ، فقال قائل) لم أقف على تسميته، (يا رسول الله! كأنَّ هذه موعِظَةُ (٦) مُوَدِّعٍ) أي الذي يذهب إلى السفر ويُودِّعُ الناسَ، فإن الموَدعَ - بكسر الدال- عند الوَدَاع لا يترك شيئًا مما يهم المودَّع -بفتح الدال- إلَّا بينه بيانًا واضحًا، (فماذا تعهدُ علينا) أي ماذا توصي إلينا؟ (فقال: أُوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعةِ) للأمراء (وإن كان عبدًا حَبَشيًا).

قال الخطابي (٧): يريد به طاعةَ مَنْ وَلَّاه الإمامُ، ولم يُرِدْ بذلك أن يكون الإمامُ عبدًا حبَشيًا، وقد يضرب المثل بما لا يَكاد يصحُّ في الوجود، كقوله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) في نسخة: "ومستشفِعين".
(٢) في نسخة: "هذا".
(٣) في نسخة: "إلينا".
(٤) في نسخة بدله: "عبدٌ حبَشيٌّ".
(٥) سورة التوبة: الآية ٩٢.
(٦) حقيقة، فقد فهموا بالقرائن أنها موعظة التوديع، أو على التشبيه، أي كما يَعِظُ أحدٌ عند الوَدَاع، كذا في "الكوكب" (٣/ ٣٦٧) وهامشه. (ش).
(٧) "معالم السنن" (٤/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>