للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا (١)؟ قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا, وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ

===

(قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أَنْ تَلِدَ الأمةُ ربَّتها).

قال القاري (٢): فسر هذا القول كثيرٌ من الناس أن السبْيَ يكثر بعد اتساع رقعة الإِسلام، فيستولد الناس إماءهم، فيكون الولد كالسيد لأمه؛ لأنّ ملكها راجع إليه في التقدير، وذلك إشارة إلى قوة الدين، واستيلاء المسلمين، وهي من الأمارات؛ لأنّ بُلوغَ الغاية مُنذِر بالتراجُع والانحطاط المؤذن بقيام الساعة.

أو أن الأعِزَّة تصير أَذِلة؛ لأنّ الأمَّ مربيَّة للولد، ومدبرة أمره، فإذا صار الولد ربها سيما إذا كان بنتًا ينقلب الأمر، كما أن القرينة الثانية على عكس ذلك، وهي أن الأذلَّة ينقلبون أعزَّة ملوك الأرض، فيتلاءم المعطوفات.

وقيل: سمي ولدها سيدها؛ لأنّ له وَلاءها بإرثه له عن أبيه إذا مات، أو أنه كسيدها، لصيرورة مال أبيه إليه غالبًا، فتصير أمه كأنها أمته.

وقيل: معناه أن الإماء تَلِدْن الملوك فتكون أمه من جملة رَعِيته، ويقرب منه القول بأن السَّبي إذا كثُر قد يسبى الولد صغيرًا ويصير رئيسًا بل ملِكًا، ثم يسبي أمه فيشتريها عالمًا أو جاهلا بها، ثم يستخدمها وقد يطؤها، أو يعتقها ويتزوجها.

وقيل: معناه فساد الأحوال بكثرة بيع أمهات الأولاد، فتُرَدَّدُ في أيدي المشترين حتى يشتريها ابنها أو يطأها وهو لا يعلم.

وقيل: معناه الإشارة إلى كثرة عقوق الأولاد، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته، من الخدمة وغيرها، وخص بولد الأمة؛ لأنّ العقوق فيه أغلب.

(وأَنْ ترَى) خطاب عام (الحُفَاة) بضم الحاء، جمع الحافي،


(١) في نسخة بدله: "أمارتها".
(٢) "مرقاة المفاتيح" (١/ ١٢٨، ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>