أفأدع الصلاة؟ قال:"لا، إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصَلِّي"، قال هشام: وقال أبي: ثم تَوَضَّئِي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت.
قلت: قال الترمذي: قال أبو معاوية: وتوضَّئِيْ لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت، فبطل ما قالوا: إن قوله: ثم تَوَضَّئِيْ من كلام عروة، وأيضًا لو كان من كلام عروة لقال: ثم تتوضأ لكل صلاة، ففي صيغة الأمر دلالة واضحة بأنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الأمر لا يتحقق من عروة، فكأن الراوي قال: قال أبي مرفوعًا: ثم توضئي، وترك ذكر الرفع لوضوحه.
وهذا الحديث يدل على أن الدم الخارج من العرق، سواء كانت استحاضة أو غيرها ناقض للوضوء، واعترضوا عليه بأن في دم الاستحاضة يجب الوضوء, لأنه خرج من المخرج، فسبيله سبيل الغائط والبول، وإنما الكلام فيما خرج من غير السبيلين.
قلت: كأنهم لم يتأملوا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما ذلك عرق" وهذا صريح في أن علة الانتقاض كونه دم عرق لا كونه من السبيلين، فعلم بهذا أنه لا دخل في العِلِّيَّة لكونه من السبيلين، فلا يدور حكم الانتقاض عليه، بل يدور على كونه دم عرق وهو الدم السائل، سواء كان من السبيلين أو غيرهما من البدن.
والحديث الثاني ما روى ابن ماجه (١) عن إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن علي