فرأينا قولَه عليه السلام:"كُلُّ مَولُودٍ يُولد على الفطرة"، وقوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(١) يَنفِيان العذابَ عنهما جميعًا، فانتَقَى بذلك دخولُ ذراري المشركين النارَ رأسًا، كما كان انتفى الدخول المرتب على الأعمال، وليس مجرَّد الفطرة كافيًا في دخول الجنَّة، فلم يثبت بذلك الدخول في شيء، فيُنظر إلى نُصُوص أُخَر تثبت دخول الجنة، ولا يُنافيه ما ورد في رواية خديجه حين سألتْ عن ولدها الذي مات في الجاهلية فقال "هو في النار" لأنّ كل مرتبة فهي بالنسبة إلى ما فوقها نار، والعَرَبُ تسمي كلّ شدة نارًا، ولا شك أن أصحابَ الأعراف في شدة إذا قاسُوا أحوالهم بأحوال أهل الجنة.
وإن ثبت دخولُ ذراري المشركين الجنة كان غير مخالف لقوله هذا أيضًا، فإن دخولَهم هناك لما كان غير مضافٍ إلى استحقاق، وكانوا كالعبيد والغلمان، ولم يكن لهم ما يكون للمؤمنين وأطفالهم من الإكرام والنعيم، كان ذلك شدة لهم. وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم"، ليس فيه تصريح بأنهم في النار أو في الجنة، فنقول: إنما كُتِب قبل خلقهم أنهم في الجنة من غير عملٍ عَملُوه، وإنما رد على عائشة - رضي الله عنها -؛ لأنها تكلمت بما ليس لها علم به وإن كانت مصيبة فيما قالت، انتهى.
٤٧١٢ - (حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدة، نا بقية، ح: ونا موسى بن مروان الرقّي، وكثير بن عُبيد المَذْحِجيُّ، قالا: نا محمَّد بن حرب، المعنى) أي معنى حديث محمَّد بن حرب وبقية واحد، (عن محمَّد بن زياد، عن عبد الله بن أبي قيس، عن عائشة قالت: قلتُ: يا رسول الله، ذَراريُّ المؤمنين؟ )