ولا من أهل النار، بل أمرهم بالاعتقاد الذي عليه أكثر أهل السُّنَّة من التوقف في أَمرهم، وقال ابن حجرة هذا قبل أن ينزل فيهم شيء، فلا ينافي أن الأصح أنهم من أهل الجنة، انتهى.
وكتب مولانا محمَّد يحيي المرحوم من تقرير شيخه -رحمه الله-: قوله: "الله أعلم ما كانوا عاملين"، حاصله -والله أعلم-: أن دخولَ الجنة قد يكون لأجل الأعمال، وقد يكون لغير ذلك من العَوارض، فالسؤال لم يكن إلا عن الدخول المرتب على الأعمال، فأجاب أنهم ليس منهم عمل حتى يدخلوا الجنة دخول كذا.
وأما مطلق الدخول المتحقق في النوع الثاني فلم يتعرض له ولم ينكره عنهم، بل أثبته بقوله:"كُلُّ مَوْلودٍ يُولَدُ على الفطرة"، قإنهم لمّا وُلدوا على الفطرة ولا معتبر بما صدر عنهم حالة الصغر، كما قلنا قريبًا كانوا مثلهم قبل الولاد، ومن البيّن أنهم قبل ولادهم لم يكونوا في النار, فلا يكونون فيها بعد الولاد أيضًا إذا ماتوا صغارًا، وذلك لما قلنا: إن ما كَنَّ من الكفر غير مجزي عليه، وما ظهر عن أفعالهم لا يعتد به، فلم يبق الحكم فيهم إلا ما كان قبل الولاد، فترك بيانه اتِّكالًا على ما هو الظاهر؛ وعليه يحمل قوله:"هم من آبائهم"، فإنهم ليس لهم من الحكم إلا ما كان لآبائهم، وهو الدخول المرتب على الأعمال، وكذلك في المؤمنين وأولادهم، ولما لم يكن للذَّراري أعمال لم يكن لهم الدخول المترتب عليها.
والحاصل: أنهم شاركوا الآباء في الدخول المرتب على الأعمال، فالمؤمنون وأولادُهم وكذا المشركون وأولادهم كلُّهم أَجمعونَ شركاء فيما بينهم في أن الدخول مرتب على الأعمال، فأعمال المؤمنين الحسنة أدخلتْهم الجنةَ، وأعمال المشركين السيئة أدخلتهم النار. والذراري من النوعين لم تكن لهم أعمال حتى يَترتَّب الدخول في إحدى الدارين المترتب عليها.
وأما الدخول بغير ذلك، فغير متعرض به، فيُنظر فيه إلى نُصوص أُخَر،