وعَنَوا بالتوحيد ما اعْتَقَدوه من نَفْي الصفات الإلهية، لاعتقادهم أن إثباتها (١) يستلزم التشبيه، ومَنْ شَبَّه الله بخلقه أَشْرك، وهم في نفي الصفات موافقون للجهمية.
وأما أهل السُّنَة، ففسَّروا التوحيدَ بنفي التشبيه والتعطيل، ومن ثم قال الجنيد- فيما حكاه أبو القاسم القشيري-: التوحيد إفراد القديم من المُحْدَث، وقال أبو القاسم التميمي في "كتاب الحجة": التوحيد مصدر وحّد يُوَحِّد، ومعنى وحدت الله: اعتقدتُه منفردًا بذاته وصفاته لا نظيرَ له ولا شبيهَ، وقيل: معنى وَحّدته: علمتُه واحِدًا، وقيل: سلبت عنه الكيفيةَ والكميةَ، فهو واحد في ذاته لا انقسامَ له، وفي صفاته لا شبيهَ له، وفي إلاهِيَّتِه وَمُلْكِه وتَدبيره لا شريك له، ولا رَبَّ سواه، ولا خالقَ غيره. ملخص من "الفتح".
وكتب مولانا محمَّد يحيي المرحوم في "التقرير": "باب في الجهمية"، وهم طائفة من أهل الأهْواء، ينكرون الصفاتَ، فإن كان قصدهم نضي زيادة الصفات، واستقلالها علاوة على الذات، ويكونون قائلين باندِماجها في الذات؛ لأنّ الذات كافية في ترتُّب الآثار المختلفة عليها، وليس شيء وراءه قديمًا، فقولهم هذا غير قابل بالرد والإبطال، وإن قَصَدوا نفي الصفات مطلقًا، فهو حقيق بالرد عليه، وعلى الثاني ترد الروايات المذكورة في الباب، كما هو حقيق بالردّ، حيث أثبت فيها للكريم سبحانه أفعال وصفات مثل الخَلْق والرزق والكلام وغير ذلك، انتهى.
٤٧٢١ - (حدثنا هارون بن معروف، نا سفيان، عن هِشام، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يزال الناس يتساءلون) أي يخوضون في الأباطيل (حتى يقال: هذا) أي هذا الأمر مُسَلَّم أنه (خلق اللهُ الخَلْقَ، فَمَنْ خَلَق اللهَ؟