للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ في وُجُوهِ أَصْحَابِهِ, ثُمَّ قَالَ: «وَيْحَكَ! ! إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ, شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ (١) , وَيْحَكَ! ! أَتَدْرِى مَا اللَّهُ؟ إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ لَهَكَذَا» - وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ - «وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ»

===

إليه قولك من تحقير الله عزَّ وجلَّ وأَهانته سبحانه وتعالى؟ (وسبَّح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما زال يسبِّح) أي يكرر التسبيح (حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه) بما شَقَّ عليه - صلى الله عليه وسلم - من كلام الأعرابي، (ثم قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ويحك! إنه) أي الشأن (لا يُستشفعُ بالله على أحد من خلقه) لأنه عزَّ وجلَّ لا يحتاج إلى خلقه في شيء، وجميع الخلق محتاجون إليه (شأنُ الله) تعالى (أعظمُ من ذلك) أي بأن يُستشفع به على أحد من خلقه.

(ويحك! أتدري ما الله) أي ما عظمةُ شأنه؟ (إن عرشَه على سمواته لَهكذا، وقال) أي أشار (بأصابعه مثلَ القبة) أي المحيطة (عليه، وإنه) أي العرش (لَيَئِطُّ) أي ليصوت (به) أي بعظمته (أَطِيْطَ الرَّحْل بالراكب) أي بثقل الراكب عليه.

قال الخطابي (٢): هذا الكلام إذا جرى على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية، والكيفية عن الله وعن صفاته مَنْقِيَّة، فعُقل أنه ليس المراد به تحقيق هذه الصفة ولا تحديده على هذه الهيئة، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله سبحانه وتعالى، وإنما قصد به إفهامَ المسائل، وحيث يدركه فهم السامع إذ كان أعرابيًّا جِلْفًا (٣)، لا علم له بما دق من الكلام وبما لطف منه عن درْك الأفهام.


(١) في نسخة: "ذاك".
(٢) "معالم السنن" (٤/ ٣٢٨، ٣٢٩).
(٣) الجِلْف: الجافي والأحمق.

<<  <  ج: ص:  >  >>