للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فيه أمر تسوغه الشريعة. وأن الرفق بالحيوان مما يحض عليه الشرع. وأن تمهيد أطفال المسلمين للصيد بالطير وغيره من غير إضرار به مما يحسن شرعًا ليتعودوا على الشجاعة من صغرهم، وغير ذلك مما بينه العلماء.

وقد منَّ الله عز وجل على أولي العلم في عصرنا بهذا الجهبذ الموهوب، فكان شافعي زمانه في استنباط المعاني. فأبدى الله على يديه شتى المعاني الدقيقة في الحلل الأنيقة من ألفاظ لغة الكتاب والسنَّة، ذلك الشرح الدال بوضعه على فيض من شآبيب الفضل الإلهي، خصَّه الله به، فزكَّاه وزكَّى عقله وزكى بيانه، فوفقه سبحانه لإزالة ما يبدو لغير المدققين من تعارض في السنَّة، وإزالة ما يشتبه عليهم من مقاصد النبوة مع قوة الحجة، والإنصاف، وأدب العلماء، بعيدًا عن العصبية التي يجنح إليها بعض من حكمت عليهم البيئة أو قيدهم به التقليد بطريق لا يشعرون بها.

فهو- جزاه الله عن نفسه وعن المسلمين خيرًا - إذا سلك مسلك التوفيق بين المتعارضات كان موفقًا، وإذا سلك مسلك الترجيح كان موفقًا مستمسكًا بالقواعد الأصولية، سَبَّاقًا في التأصيل والتفريع. فشرحه وبيانه مثال لوضوح الحق لمن أراد التحقيق والتحرير والإنصاف.

كما أجرى الله سبحانه على يدي وارثه وخليفته مولانا شيخ الحديث حضرة العلامة محمد زكريا بن يحيى الكاندهلوي العلامة الفاضل المدقق المحقق، جمع هذا الكنز وحمله للمسلمين، غذاء لعقولهم وقلوبهم وأرواحهم جامعًا لنور العقل علمًا ويقينًا، والصراط المسقيم عملًا، وللأرواح حالًا وفرقانًا، {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ في الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} (١).

فهذا الشرح لـ "سنن أبي داود" زينة الشروح، وصاحبه زينة الشرَّاح، وهو آية العلم والإخلاص وثمرة التقوى {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ الله} (٢).


(١) سورة الكهف: الآية ٨٢.
(٢) سورة البقرة: الآية ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>