للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

للجنب إذا توضأ لرفع الحدث لا الحائض فتمنع. وقال سفيان الثوري والحنفية، وهو المشهور من مذهب مالك، والجمهور من الأمة: إنه لا يجوز مطلقًا. وقال الشافعي (١) وأصحابه: يجوز للجنب العبور في المسجد، ولا يجوز المكث فيه.

استدل ابن حزم بأنه لم يثبت في هذا الباب شيء، وحديث أفلت باطل، فأجاب عنه الشوكاني بأن الحديث كما عرفت إما حسن أو صحيح، وجزم ابن حزم بالبطلان مجازفة، وكثيرًا ما يقع في مثلها.

واحتج من قال بجوازه للجنب إذا توضأ بما روي عن الصحابة أنهم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة، وفي إسناده هشام بن سعد، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وضعفه ابن معين وأحمد والنسائي، وقال أبو داود: هو أثبت الناس في زيد بن أسلم، وعلى تسليم الصحة لا يكون ما وقع من الصحابة حجة، ولا سيما إذا خالف المرفوع إلَّا أن يكون إجماعًا.

واستدل الشافعي بقوله تعالى: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (٢)، والعبور إنما يكون في محل الصلاة، وهو المسجد لا في الصلاة، وتقييد جواز ذلك بالسفر لا دليل عليه، بل الظاهر أن المراد مطلق المار, لأن المسافر ذكر بعد ذلك، فيكون تكرارًا يصان القرآن عن مثله.

وقد أخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب أن رجالًا من الأنصار

كانت تصيبهم جنابة، فلا يجدون الماء، ولا طريق إليه إلَّا من المسجد، فأنزل الله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (٢) , وهذا من الدلالة على


(١) وذكر ابن رسلان موافقة مالك وأحمد للشافعي، وموافقة إسحاق بن راهويه للحنفية، فتأمل. (ش).
(٢) سورة النساء: الآية ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>