للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء أكان صغيرا أم كبيرا يرتفع بالتوبة وهي لا تتحقق إلا بقضاء ما عليه، ولا نزاع في أن تارك الصلاة عمدا إذا قضاها لا يسقط عنه إثم التأخير. ولا يلزم من عدم سقوطه أنه لا فائدة في القضاء فقد سقط به الطلب الثابت بطريق الأولى من أمر الناسى والنائم بالقضاء ومن عموم حديث "فدين الله أحقّ أن يقضى" ومنه تعلم ردّ قول الشوكاني إن قضاء العامد لا فائدة فيه فيكون إثباته مع عدم النصّ عبثا، على أن قول الشوكانى قد أنصف ابن دقيق العيد فردّ جميع ما تشبثوا به الخ يشعر بأنه قد رجع عما ذهب إليه من عدم وجوب القضاء على تارك الصلاة عمدا (الثانى) شغل ذمة التارك بوجوب الصلاة عليه إذا دخل وقتها وبراءة ذمته تكون إما بالأداء ولم يوجد في وقتها وإما بالعجز ولم يتحقق فإنه قادر على أصل العبادة وإن عجز عن إدراك فضيلة الوقت لخروجه وإما بإسقاط صاحب الحق لحقه وهذا لم يوجد لا صراحة ولا ضمنا إنما الذى وجد خروج الوقت وهو لا يصلح مسقطا لما تقرّر في ذمته أوّلا. ولما لم توجد براءة الذمة. بأىّ نوع من تلك الأنواع كان ما ترتب في ذمته باقيا يطلب منه أداؤه فيجب الإتيان به لأجل براءة الذمة فلو لم يصح إتيان القضاء من العامد لكان طلب الشارع منه طلبا للمحال (وما تقدم) في باب وقت صلاة العصر من أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه شغلوا يوم الخندق عن صلاة العصر فلم يصلوها إلا بعد المغرب كما في رواية مسلم. وفي رواية الترمذى والنسائى عن ابن مسعود أنهم شغلوا عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله. وما ثبت من أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر مناديا بعد غزوة الخندق أن ينادى لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدركتهم صلاة العصر في الطريق فصلاها قوم وامتنع آخرون فلم يصلوها إلا في بني قريظة ليلا آخذين بظاهر اللفظ فلم يعنف النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحدا منهم (لا دليل فيهما) للجمهور على وجوب قضاء الصلاة على من تركها عامدا لأن تأخير الصلاة يوم الخندق كان لاشتغالهم بالعدوّ ولم تكن شرعت صلاة الخوف فقد روى أحمد والنسائى عن أبى سعيد أنهم شغلوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الظهر والعصر والمغرب وصلوا بعد هوى من الليل وذلك قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف "فرجالا أو ركبانا" ومن أخرها يوم بني قريظة فهو متأوّل آخذ بظاهر اللفظ فهو في حكم الناسى (قال) القاضى عياض لم يختلف في أن الناسى يقضى. وشذّ بعض الناس وقال لا يقضى ما كثر كالستّ ولعله لمشقة قضاء الكثير كوجه الفرق في أن الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة لمشقتها لتكرّرها. وكذلك لم يختلف في أن المتعمد يقضى (وحكى) عن مالك أنه لا يقضى ولا يصحّ عنه ولا عن أحد ممن ينتسب إلى العلم إلا عن داود وأبى عبد الرحمن الشافعى ولا حجة لهما في الحديث لأنا إن لم نقل بدليل الخطاب فواضح وإن قلنا به فالحديث ليس منه بل من التنبيه بالأدنى على

<<  <  ج: ص:  >  >>