الأربعاء جاء أسعد إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم متقنعا بين المغرب والعشاء فلما رآه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يا أبا أمامة جئت من منزلك إلى هنا وبينك وبين القوم ما بينك قال أبو أمامة لا والذى بعثك بالحق ما كنت لأسمع بك في مكان إلا جئت ثم بات عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى أصبح ثم غدا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لسعد بن خيثمة ورفاعة ومبشر ابنى عبد المنذر أجيروه قالوا أنت يا رسول الله أجره فجوارنا في جوارك فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يجيره بعضكم فقال سعد بن خيثمة هو في جوارى ثم قالت الأوس يا رسول الله كلنا له جار فكان أسعد بن زرارة بعد يغدو ويروح إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله فأقام فيهم أربع عشرة ليلة) وعن عويمر بن ساعدة لبث فيهم ثمانى عشرة ليلة وفى رواية للبخارى فلبث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بنى عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذى أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وروى يونس بن بكير عن المسعودى عن الحكم بن عتيبة قال لما قدم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فنزل بقباء قال عمار بن ياسر ما لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بدّ من أن يجعل له مكانا يستظل به إذا استيقظ ويصلى فيه فجمع حجارة فبنى مسجد قباء فهو أول مسجد بنى بالمدينة وهو في أول مسجد صلى فيه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأصحابه جماعة ظاهرا وأول مسجد بنى لجماعة المسلمين عامة وإن كان قد تقدم بناء غيره من المساجد (وروى) ابن أبى شيبة عن جابر قال لقد لبثنا بالمدينة قبل أن يقدم علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بسنين نعمر المساجد ونقييم الصلاة. فهذه الرواية تدلّ على أن المسجد الذى أسس على التقوى هو مسجد قباء (وروى) مسلم من طريق عبد الرحمن ابن أبي سعيد عن أبيه سألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المسجد الذى أسس على التقوى فقال هو مسجدكم هذا (ولأحمد) والترمذى من وجه آخر عن أبى سعيد اختلف رجلان في المسجد الذى أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال آخر هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فسألاه عن ذلك فقال هو هذا وفى ذلك "يعنى مسجد قباء" خير كثير. وهذا السؤال صدر ممن ظهرت له المساواة بين المسجدين في اشتراكهما في أن كلا منهما بناه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلذلك سئل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عنه فأجاب بأن المراد مسجده (قال) في الفتح يحتمل أن تكون المزية لما اتفق من طول إقامته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمسجد المدينة بخلاف مسجد قباء فما أقام به إلا أياما قلائل وكفى بهذا مزية والحق