أن كلا منهما أسس على التقوى وقوله تعالى في بقية الآية "فيه رجال يحبون أن يتطهروا" يؤيد كون المراد مسجد قباء. وعند أبى داود بإسناد صحيح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال نزلت هذه الآية في أهل قباء فيه رجال يحبون أن يتطهروا. وعلى هذا فالسرّ في جوابه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأن المسجد الذى أسس على التقوى مسجده دفع توهم أن ذلك خاصّ بمسجد قباء اهـ
(قوله ثم أرسل إلى بني النجار) هم قبيلة كبيرة من الأنصار والنجار أبو هذه القبيلة واسمه تيم اللات ولقب بالنجار لأنه كما قيل اختتن بالقدوم وإنما دعا بني النجار لأنهم كانوا أخوال عبد المطلب
(قوله متقلدين سيوفهم) كذا في رواية الأكثر بثبوت النون ونصب السيوف. وفي رواية متقلدى سيوفهم بالإضافة. والتقليد جعل نجاد السيف على المنكب
(قوله فقال أنس الخ) مرتب على محذوف أى جاء بنو النجار متقلدين سيوفهم وسار بهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من بني عمرو بن عوف إلى المدينة فقال أنس فكأني أنظر إلى أبي بكر وهو خلفه. وأردفه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تشريفا له وإشارة إلى عظيم قدره وإلا فقد كان لأبى بكر ناقة أخرى هاجر عليها
(قوله وملأ بني النجار حوله الخ) أي أشراف بني النجار ورؤساؤهم سائرون حوله. وسموا بذلك لأنهم ملأى بالرأى والغنى وكأنهم مشوا معه صلى الله عليه وآله وسلم متقلدين بسيوفهم أدبا وتشريفا حتى ألقي بفناء أى نزل في فناء دار أبى أيوب خالد بن زيد الأنصارى. والفناء بكسر الفاء فضاء أمام الدار وجمعه أفنية
(وروى) أن الناقة لما بركت عند باب أبى أيوب جعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يريد أن ينزل عنها فتحلحل فطاف بها أبو أيوب فوجد جبار بن صخر ينخسها برجله فقال له أبو أيوب يا جبار عن منزلى تنخسها أما والذى بعثه بالحق لولا الإسلام لضربتك بالسيف فنزل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منزل أبى أيوب وقرّ قراره واطمأنت داره (وعن) عمارة بن خزيمة أنه قال لما كان يوم الجمعة وارتفع النهار دعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم براحلته وحشد المسلمون ولبسوا السلاح وركب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ناقته القصوى والناس معه عن يمينه وعن شماله وخلفه منهم الراكب والماشي فاعترضنا الأنصار فما مرّ بدار من دورهم إلا قالوا هلمّ يا رسول الله إلى العزّة والمنعة والثروة فيقول لهم خيرا ويدعو ويقول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خلوا سبيلها فإنها مأمورة وقد أرخى لها زمامها وما يحركها وهى تنظر يمينا وشمالا والناس كنفيها حتى بركت على باب مسجده ثم ثارت وهو عليها فسارت حتى بركت على باب أبى أيوب الأنصارى ثم التفتت يمينا وشمالا ثم ثارت وبركت في مبركها الأول وألقت جرانها "أى مقدّم عنقها" بالأرض فنزل عنها وقال هذا المنزل إن شاء الله تعالى فاحتمل أبو أيوب رحله وأدخله بيته فاختار الله لنبيه صلى الله