لم يكن للمسجد إمام راتب لا تكره إقامة جماعة ثانية وثالثة وأكثر من ذلك بإجماع الأئمة (وقال) الشافعى إنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرّتين اهـ فتحصل من كلام الشافعية أنه إذا لم يكن للمسجد إمام راتب لا يكره تكرار الجماعة فيه لا فرق بين كونه مطروقا أو غير مطروق بخلاف ما إذا كان له إمام راتب فتكره في غير المطروق ولا تكره في المطروق. لكن جاء عن الشافعي رحمه الله تعالى ما ينافى ذلك حيث قال في الأمّ ما نصه: وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلىّ وإن لم يأته وصلى في مسجده منفردا فحسن. وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلا أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا اجزأتهم الجماعة فيه. وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم (قال) الشافعى وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة فيكون فيهما المكروه. وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن فأما مسجد بني على ظهر الطريق أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام معلوم ويصلى فيه المارّة ويستظلون فلا أكره ذلك فيه لأنه ليس فيه المعنى الذى وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره. وإن صلى جماعة في مسجد له إمام ثم صلى فيه آخرون في جماعة بعدهم كرهت ذلك لهم لما وصفت وأجزأتهم صلاتهم اهـ (وقال النووى) في شرح المهذب (قال) الشافعى والأصحاب إذا حضرت الجماعة ولم يحضر إمام فإن لم يكن للمسجد إمام راتب قام واحد وصلى بهم وإن كان له إمام راتب فإن كان قريبا بعثوا إليه من يستعلم خبره ليحضر أو يأذن لمن يصلى بهم وإن كان بعيدا أو لم يوجد في موضعه فإن عرفوا من حسن خلقه أنه لا يتأذى بتقدّم غيره ولا تحصل بسببه فتنة استحب أن يتقدّم أحدهم ويصلى بهم ويحفظ أول الوقت. الأولى أن يتقدم أولاهم بالإمامة وأحبهم إلى الإمام فإن خافوا أذاه أو فتنة انتظروه وإن طال الانتظار وخافوا فوات الوقت كله صلوا جماعة اهـ والأحوط لمن فاتته الصلاة مع الإمام الرّاتب أن يصليها جماعة خارج المسجد خروجا من الخلاف وهذا كله في جماعة أخرى جاءت بعد جماعة الإمام الراتب أو قبله (أما الجماعة) حال صلاة الإمام الراتب فمتفق على منعها. وكذا إذا كانت الجماعة الثانية في المسجد حال إقامة الجماعة الأولى ولم تدخل معها رغبة في الصلاة مع الإمام الآخر (قال) الحطاب اختلف في جمع الأئمة الأربعة