للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمسجد الحرام في مقاماتهم المعهودة هل هو من باب إعادة الجماعة بعد الإمام الراتب فيكون الإمام الراتب هو الذى يصلى في مقام إبراهيم وهو الأول ومن بعده حكمه حكم إعادة الجماعة بعد الإمام الراتب أو أشد من ذلك في الكراهة بل ربما انتهى إلى المنع لما سيأتي أو صلاتهم جائزة لا كراهة فيها ومقاماتهم كمساجد متعدّدة (فذكر ابن فرحون) في مناسكه عن جماعة من شيوخ المذهب أنهم أفتوا بأن صلاتهم على الوجه المذكور جائزة لا كراهة فيها إذ مقاماتهم كمساجد متعدّدة لأمر الإمام بذلك. وإذا أمر الإمام بذلك فقد زالت العلة التى لأجلها كره أن تصلى جماعة بعد جماعة. وكان الاستفتاء المذكور في المائة السابعة (ثم قال) ابن فرحون ووقفت بثغر الإسكندرية على تأليف يخالف ما أفتى به الجماعة وأن الإمام الراتب هو إمام المقام ولا أثر لأمر الخليفة في رفع الكراهة الحاصلة في جمع جماعة بعد جماعة. واستدلّ على ذلك بأدلة كثيرة وألف في ذلك تأليفا ولم يحضرني الآن اسم مؤلفه رحم الله الجميع اهـ قال الحطاب قد وقفت على تأليفين في هذه المسألة (أحدهما) للشيخ الإمام أبى القاسم عبد الرحمن ابن الحسين بن عبد الله بن الحباب السعدى المالكي فذكر أنه أفتى في سنة خمسين وخمسمائة بمنع الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة بالمسجد الحرام على مذاهب العلماء الأربعة وذكر أن بعض علماء الإسكندرية أفتى بخلاف ذلك وهم شدّاد بن المقدم وعبد السلام بن عتيق وأبو الطاهر ابن عوف. ثم ردّ عليهم وبالغ في الردّ وذكر أن بعضهم رجع عما أفتى به لما وقف على كلامه وقال في الردّ عليهم قولهم إن هذه الصلاة جائزة لا كراهة فيها خلاف الإجماع فإن الأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز وأن أقل أحوالها أن تكون مكروهة لأن الذى اختلف العلماء فيه إنما هو في مسجد ليس له إمام راتب أو له إمام راتب وأقيمت الصلاة فيه جماعة ثم جاء آخرون فأرادوا إقامة تلك الصلاة جماعة فهذا موضع الخلاف. فأما حضور جماعتين أو أكثر في مسجد واحد ثم تقام الصلاة فيتقدم الإمام الراتب فيصلى وأولئك عكوف من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك تاركون لإقامة الصلاة مع الإمام الراتب متشاغلون بالنوافل والحديث حتى تنقضى صلاة الأول ثم يقوم الذى يليه وتبقى الجماعة الأخرى على نحو ما ذكرنا ثم يصلون أو تحضر الصلاة الواحدة كالمغرب فيقيم كل إمام الصلاة جهرا يسمعها الكافة ووجوههم مترائية والمقتدون بهم مختلطون في الصفوف ويسمع كل واحد من الأئمة قراءة الآخرين ويركعون ويسجدون فيكون أحدهم في الركوع والآخر في الرفع منه والآخر في السجود فالأئمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز وأقل أحوالها أن تكون مكروهة. فيقول القائل إنها جائزة لا كراهة فيها خرق لإجماع الصحابة والقرن الثانى والثالث والرابع والخامس والسادس إلى حين ظهور هذه البدعة (ثم قال) في موضع آخر بعد أن تكلم على هذه المسألة وأنها ممنوعة على مذهب مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>