للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره وردّ على من أفتى بخلافه. فأما أحمد فكفانا في المسألة مهمة فإنه منع من إقامة صلاة واحدة بجماعتين في المسجد الحرام الذى الكلام فيه ومسجد الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (وقد حكى لك) أن مذهب مالك والشافعى وأصحاب الرأى الذين منهم أبو حنيفة أنهم لا يرون إقامة صلاة بإمامين في مسجد واحد. فأما إقامة صلاة واحدة بإمامين راتبين يحضر كل واحد من الإمامين فيتقدم أحدهما وهو الذى رتب ليصلى أوّل وتجلس الجماعة الأخرى وإمامهم عكوفا حتى يفرغ الأول ثم يقيمون صلاتهم فهذا مما لم يقل به أحد ولا يمكن أحدا أن يحكى مثل هذا القول عن أحد من الفقهاء لا فعلا ولا قولا فكيف بإمامين يقيمان الصلاة في وقت واحد يقول كل واحد منهما حيّ على الصلاة ويكبر كل واحد منهما وأهل القدوة مختلطون ويسمع كل واحد قراءة الآخر فهؤلاء زادوا على الخلاف الذى لسلف الأمة وخلفها ومخالفة قول رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. والله لم يرض هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمتنفلين تنفلا في المسجد بل لم يرضه لمقتد اقتدى به فصلى خلفه فكيف يرضى ذلك لإمامين منفردين. هذا مما لا نعلم له نظيرا في قديم ولا حديث (ثم قال) في موضع آخر فأما إقامة صلاة المغرب وصلاة العشاء في شهر رمضان في وقت واحد فلم يستحسنها أحد من العلماء بل استقبحها كل من سئل عنها. ومنهم من بادر بالإنكار من غير سؤال (ثم قال) وأما إذن الإمام في ذلك فلا يصيره جائزا (ثم ذكر) عن جماعة من علماء المالكية والحنفية وردوا إلى مكة في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وأنهم أنكروا صلاة الأئمة الأربعة مترتبين على الصفة المعهودة وأنه عرض ما أملاه في عدم جواز هذه الصلاة وأنكر إقامتها على جماعة من العلماء وأنهم وافقوه على أن المنع من ذلك هو مذهب مالك والشافعى وأبى حنيفة اهـ مختصرا (الثاني) من المؤلفين للشيخ إبراهيم الغساني فذكر أن افتراق الجماعة عند الإقامة على أئمة متعدّدة إمام ساجد وإمام راكع وإمام يقول سمع الله لمن حمده لم يوجد من ذكره من الأئمة ولا أذن به أحد بعد الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا من صحت عقيدته ولا من فسدت لا في سفر ولا في حضر ولا عند تلاطم السيوف وتضامّ الصفوف في سبيل الله ولا يوجد في ذلك أثر لمن تقدم فيكون له له أسوة اهـ (وسئل القاضى) جمال الدين بن ظهيرة عن إقامة الأئمة الأربعة لصلاة المغرب في وقت واحد وقال القائل في السؤال إن ذلك لم يكن في زمن النبوّة ولا الخلفاء الراشدين ولا في زمن الأئمة الأربعة. وعن قول بعض فقهاء الإسكندرية إن المسجد الحرام كأربعة مساجد وإن ذلك مخالف لقول الله تعالى "سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" ولقول الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة في مسجدى هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام

<<  <  ج: ص:  >  >>