بين القلوب وإما إقامة الصفوف والمراد بالمخالفة بين القلوب إيقاع العداوة والبغضاء بينهم فيتغير بعضهم على بعض لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن. وفي هذا من اللطائف وقوع الوعيد من جنس الجناية
(قوله يلزق منكبه الخ) بضم الياء من ألزق أى يلصقه والمراد منه المبالغة في تعديل الصفوف وسدّ خللها والكعب العظم الناتئ في جانبي الرجل عند ملتقى الساق والقدم لأنه هو الذى يمكن إلصاقه خلافا لمن ذهب إلى أن المراد به مؤخر القدم. قال الحافظ وهو قول شاذ ينسب إلى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على الحث على تسوية الصفوف في الصلاة. وعلى الزجر عن المخالفة فيها بالتقدّم والتأخر
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والبيهقي والدارقطني
(قوله كما يقوّم القدح حتى ظنّ الخ) بكسر القاف وسكون الدال وهو خشب السهم إذا برى وأصلح قبل أن يركب فيه الريش والنصل. وفي رواية مسلم كان يسوّى صفوفنا حتى كأنما يسوّى بها القداح، والغرض من التشبيه المبالغة في تسوية الصفوف لأن القدح لا يصلح لما يراد منه إلا بعد انتهائه في الاستواء، فهو يدل على أنه كان يسوى الصفوف تسوية تامة واستمرّ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الحث على تسويتها إلى أن ظنّ أنا قد فهمنا عنه ترك ذلك ثم أقبل يوما بوجهه فإذا رجل خارج عن الصفّ بصدره فقال لتسوّن صفوفكم الخ وفي رواية مسلم فقال عباد الله لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم. وهو نظير ما تقدّم من الوعيد فيمن رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار فقيل إن المخالفة على حقيقتها بأن يجعل الله الوجوه جهة القفا أو هو محمول على المجاز والمراد أنه يوقع بينهم العداوة والبغضاء كما تقدّم (قال في حجة الله البالغة) والنكتة في خصوص مخالفة الوجوه أنهم أساءوا الأدب في إسلام الوجه لله فجوزوا في العضو الذى أساءوا به أو اختلفوا صورة بالتقدّم والتأخر