كان يرفع يديه حذو منكبيه بحيث تحاذى أطراف أصابعه أعلى أذنيه وإبهاماه شحمتي أذنيه وراحتاه منكبيه وبهذا جمع الشافعى بينهما. أو يقال إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعل هذا تارة وذاك تارة أخرى ولذا قال ابن عبد البر. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الرفع مدّا فوق الأذنين مع الرأس. وروى أنه كان يرفعهما حذاء أذنيه وروى حذو منكبيه وروى إلى صدره كلها آثار محفوظة مشهورة دالة على التوسعة اهـ
(قوله وإذا أراد أن يركع) فيه إشارة إلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه عند الشروع في الركوع وفي رواية البخارى كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع أى حين يبتدئ الركوع وهي بمعنى رواية المصنف
(قوله وبعد ما يرفع رأسه من الركوع) أى بعد ما يشرع في رفع رأسه من الركوع لا بعد انتهائه كما تدل عليه الرواية الآتية وفيها ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما (وهو دليل) على استحباب رفع اليدين عند الركوع والرفع منه وبه قال الشافعى وأحمد وإسحاق والحسن البصرى وابن سيرين وعطاء وطاوس ومجاهد والقاسم ومكحول والأوزاعي وغيرهم من التابعين مستدلين بحديث الباب وأشباهه وهو قول أبى بكر وعمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأنس وابن الزبير وأبي هريرة وأبي موسى الأشعرى وكثيرين من الصحابة (واختلفت) الروايات عن مالك فروى ابن القاسم عنه عدم الرفع عند الركوع والرفع منه (وبه قال) أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة وهو قول الثورى وابن أبي ليلى والنخعى والشعبى. واستدلوا بما سيأتى للمصنف والدارقطني عن البراء قال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لم يعد. لكن لا يصلح للاستدلال به لأنه من رواية يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف كما سيأتي بيانه. واستدلوا أيضا بما رواه أحمد والترمذى وسيأتى للمصنف عن ابن مسعود أنه قال لأصلينّ لكم صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة. ولا يصلح للاستدلال به أيضا لأنه ضعفه غير واحد كما سيأتي واستدلوا أيضا بما رواه البيهقي في الخلافيات عن عبد الله بن عون الخزّاز عن مالك عن الزهرى عن ابن عمر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه إذا استفتح الصلاة ثم لا يعود قال الحاكم هو حديث باطل موضوع ولا يجوز أن يذكر إلا على سبيل القدح اهـ إلى غير ذلك من الأحاديث والآثار التي لا تخلو عن مقال. وأجاب بعضهم عن حديث الباب وأشباهه بأنه منسوخ. لكن لا دليل على النسخ وقد جائت أحاديث الرفع في المواضع المذكورة عن جمع من الصحابة عند الجماعة وغيرهم وهي مثبتة وتلك نافية ويقدّم المثبت على النافي (قال) في النيل إن الصحابة قد أجمعوا على هذه السنة بعد موته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهم